الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ }

{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } قال الزمخشريّ: إذا مات رجل خطير، قالت العرب في تعظيم مهلكه: بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح وأظلمت له الشمس. قال جرير:
تَبْكِي عليكَ نجومُ الليلِ والقَمَرَا   
وقالت الخارجية:
أيا شَجَرَ الخابورِ مالَكَ مُورِقاً   كأنك لم تَجْزَعْ على ابنِ طَرِيفِ
وذلك على سبيل التمثيل والتخييل. مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه، وكذلك ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنه من بكاء مصلَّى المؤمن وآثاره في الأرض، ومصاعد عمله ومهابط رزقه في السماء: تمثيل. ونفيّ ذلك عنهم في قوله تعالى: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } فيه تهكم بهم وبحالهم، المنافية لحال من يعظم فقده، فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض، وعن الحسن: فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون، بل كانوا بهلاكهم مسرورين. يعني: فما بكى عليهم أهل السماء، وأهل الأرض { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } أي: مؤخّرين بالعقوبة. بل عوجلوا بها، زيادة سخط عليهم.