الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }

مَضَتْ عَشْرُ حِجَجٍ، وأراد موسى الخروجَ إلى مصر، فَحَمَلَ ابنَه شعيب، وسارَ بأهله متوجِّهاً إلى مصر. فكان أهلُه في تسييره وكان هو في تسيير الحقِّ، ولمَّا ظَهَرَ ما ظهر بامرأته من أمر الطِّلْقِ استصعب عليه الوقتُ، وبينا هو كذلك آنَسَ من جانب الطور ناراً - أي أبصر ورأى - فكأنه يشير إلى رؤية فيها نوعُ أُنْسٍ: وإنَّ اللَّهَ إِذا أراد أمراً أجْرَى ما يليق به، ولو لم تقع تلك الحالةُ لم يخرج موسى عندها بإيناس النار، وقد تَوَهَّمَ - أول الأمر - أنَّ ما يستقبله في ذلك الوقت من جملة البلايا، ولكنه كان في الحقيقة سَبَبَ تحقيق النبوة. فلولا أسرار التقدير - التي لا يهتدي إليها الخَلْقُ - لما قال لأهله: { ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ }.

ويقال: أراح له ناراً ثم لَوَّح له نوراً، ثم بدا ما بدا، ولا كان المقصودْ النَّارَ ولا النورَ. وإنما سماع نداء: { إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }.