الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً }

{ وَقُلِ الْحقُّ } مبتدأ { مِنْ رَبِّكُمْ } خبر أى الحق ثابت من الله أو الخبر كون خاص أى آتٍ من ربكم لا ثابت ولا آت من جهة أهوائكم فالحق هو ما جاء عن ربكم لا غير ويجوز كون الحق فاعلا لمحذوف أى جاء الحق من ربكم فيتعلق الجار بجاء المحذوف أو كون الحق خبراً لمحذوف أى القرآن الحق أو ما أوحى إليك هو الحق أو هذا هو الحق فتعلق بمحذوف حال من الخير. { فَمَنْ شَاءَ } الإيمان. { فَلْيُؤْمِنْ } ولا يشترط طرد المؤمنين بل يحسن له أن يوافقهم ويعينهم لأمر الدين والدنيا. { وَمَنْ شَاءَ } الكفر لشرط طرد المؤمنين. { فَلْيَكْفُرْ } فإِنى لا أطردهم لا أبالى بإيمان مؤمن ولا كفر كافر فإن النفع أو الضر عائد إلى صاحبه فالآية تتضمن التهديد وزيادة ولا نسخ فى ذلك. وزعموا عن قتادة والسدى أنه منسوخ بقوله تعالىوما تشاءون إلا أن يشاء الله } ولا دليل فى الآية على استقلال العبد بفعله لأنه ولو علق الإيمان والكفر على مشيئة العبد لكن فعله خلق من الله بل مشيئته أيضا خلق من الله والاكتساب من المخلوق. { إنَّا أَعْتَدْنَا } تحقيق هذا الفعل أن همزته للتعدية وفاؤه هو الحرف بعد الهمزة وعينه هو التاء فهو أصل وثلاثيه عتد أى حضر فيقال أعتدته بمعنى أحضرته وهيّأته فالمعنى إنا أحضرنا وهيأْنا. { لِلظَّالِمِينَ } المشركين والمنافقين { نَاراً } أخروية. { أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } فسطاطها شبه ما يحيط بهم من النار وكان عليهم كالجدار بالفسطاط المضروب كبيوت الشعر وغيره فسماه باسم الفسطاط بجامع إحاطة كل بما فى داخله وذلك مقتضى قول ابن عباس. أو شبَّه ما يحيط بهم من حيطان جهنم من حديد أو حجر أو مما شاء الله وعمد ممددة بالفسطاط فسماه باسمه وذلك بعد قولهاخسئوا فيها ولا تكلمون } وقيل السرادق الحجرة التى تكون حول الفسطاط. وقيل دخانها وذلك أيضا على التشبيه. روى عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم " سرادق النار أربعة جدر كثف كل جدار أربعون سنة " أخرجه الترمذى وذلك كله بعد الحشر ودخول النار ولتحقق وقوع ذلك بعد لا محالة صيره بمنزلة الواقع فقال أَحاط ولم يقل يحيط أو هو مستعمل بمعنى يحيط. وقيل المراد بالسرادق دخان يحيط بهم فى الموقف وقيل عنق من النار يخرج ويحيط بهم فى الموقف فيجرهم إليهم وذلك أيضا مستقبل بمنزلة الواقع عافانا الله بمنة وكرمه. { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا } يطلبوا الغوث بماء لشدة العطش. { يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ } أى كدُرْدِىّ الزيت فى الغلظ قاله ابن عباس رضى الله عنهما. { يَشْوِى الْوُجُوهَ } إذا قرب إليها لشدة الحرارة أى يحرق الوجوه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2