الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً }

{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } فيه تضمين دلّ عليه حرف الباء، كأنه مقدر استعجل سائل بعذاب واقع كقوله تعالىوَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } الحج 47 أي وعذابه واقع لا محالة. قال النسائي حدثنا بشر بن خالد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } قال النضر بن الحارث بن كلدة. وقال العوفي عن ابن عباس { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } قال ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله، وهو واقع بهم، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى { سَأَلَ سَآئِلٌ } دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة، قال وهو قولهمٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } الأنفال 32 وقال ابن زيد وغيره { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } أي وادٍ في جهنم يسيل يوم القيامة بالعذاب، وهذا القول ضعيف بعيد عن المراد، والصحيح الأول لدلالة السياق عليه. وقوله تعالى { وَاقِعٍ لِّلْكَـٰفِرِينَ } أي مرصد معد للكافرين، وقال ابن عباس واقع جاءٍ { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } أي لا دافع له إذا أراد الله كونه، ولهذا قال تعالى { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } قال الثوري عن الأعمش عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } قال ذو الدرجات. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ذي المعارج، يعني العلوّ والفواضل. وقال مجاهد ذي المعارج معارج السماء. وقال قتادة ذي الفواضل والنعم. وقوله تعالى { تَعْرُجُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ } قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة تعرج تصعد، وأمّا الروح، فقال أبو صالح هم خلق من خلق الله يشبهون الناس، وليسوا ناساً، قلت ويحتمل أن يكون المراد به جبريل، ويكون من باب عطف الخاص على العام، ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم فإنها إذا قبضت، يصعد بها إلى السماء كما دلّ عليه حديث البراء، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث المنهال عن زاذان عن البراء مرفوعاً، الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة، قال فيه " فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله " والله أعلم بصحته، فقد تكلم في بعض رواته، ولكنه مشهور، وله شاهد في حديث أبي هريرة فيما تقدم من رواية الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من طريق ابن أبي الدنيا، عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عنه، وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة، وقد بسطنا لفظه عند قوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4