الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }

شرح الكلمات:

فإذا بلغن أجلهن: أي قاربن انقضاء عدتهن.

فأمسكوهن بمعروف: أي بأن تراجعوهن بمعروف من غير ضرر.

أو فارقوهن بمعروف: أي أتركوهن حتى تنقضي عدتهن ولا تضاروهن بالمراجعة.

وأشهدوا ذوي عدل منكم: أي اشهدوا على الطلاق وعلى الرجعة رجلين عدلين منكم أي من المسلمين فلا يشهد كافر.

وأقيموا الشهادة لله: أي لا للمشهود عليه أوله بل لله تعالى وجده.

ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الأخر: أي ذلكم المذكور من أول السورة من أحكام يؤمر به وينفذه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.

ومن يتق الله: أي في أمره ونهيه فلا يعصه فيهما.

يجعل له مخرجاً: أي من كرب الدنيا والآخرة.

ويرزقه من حيث لا يحتسب: أي من حيث لا يرجو ولا يؤمل.

فهو حسبه: أي كافيه ما يهمه من أمر دينه ودنياه.

قد جعل الله لكل شيء قدراً: أي من الطلاق والعدة وغير ذلك حداً وأجلاً وقدراً ينتهي إليه.

معنى الآيتين:

ما زال السياق الكريم في بيان العِدَدِ وأحكام الطلاق والرجعة. قال تعالى: { فَإِذَا بَلَغْنَ } أي المطلقات أجلهن أي قاربن انقضاء العدة فأمسكوهن بمعروف أي راجعوهن على أساس حسن العشرة والمصاحبة الكريمة لا للإِضرار بهن كأن يراجعها ثم يطلقها يطول عليها العدة فهذا لا يجوز لحرمة الإِضرار بالناس وفي الحديث: " لا ضرر ولا ضرار " وقوله { أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } وذلك بأن يعطيها ما بقي لها من مهرها ويُمتّعها بحسب حاله غنىً وفقراً. وقوله تعالى { وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ } أي أشهدوا على النكاح والطلاق والرجعة أما الإِشهاد على النكاح فركن ولا يصح النكاح بدونه، وأما في الطلاق والرجعة فهو مندوب، وقد يصح الطلاق والرجعة بدونه، ويشترط في الشهود أن يكونوا عدولاً، وأن يكونوا مسلمين لا كافرين. وقوله: { وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ } أي أدوها على وجهها ولا تراعوا فيها إلا وجه الله عز وجل، وقوله: { ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي ذلكم المأمور به من أول السورة كالطلاق في طهر لم يجامعها فيه وكإحصاء العدة وعدم إخراج المطلقة من بيتها والإِمساك بالمعروف والفراق بالمعروف والإِشهاد في النكاح والطلاق والرجعة والإِقساط في الشهادة كل ذلك يوعظ به أي يؤمر به وينفذه المؤمن بالله واليوم الآخر إذ هو الذي يخاف عقوبة الله وعذابه فلا يقدم على معصيته.

وقوله تعالى: { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إن ابني أسره العدو وجزعت أمُّهُ فبم تأمرني؟ قال آمرك وإياها أن تكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

السابقالتالي
2