الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً }

- قوله تعالى: { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } ، إلى قوله: { وَنَرَاهُ قَرِيباً }.

أكثر المفسرين على أنه من السؤال، ونزلت في (النضر بن الحارث) حين قال:ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ... } [الأنفال: 32] الآية. وأصله الهمز.

قال ابن عباس: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع [بهم]. قال مجاهد: { سَأَلَ سَآئِلٌ } أي: دعا داع بعذاب الله وهو واقع بهم في الآخرة، قال: وهو قولهم { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ } الآية.

قال ابن عباس: [هو قول] النضر بن الحارث / بن كلدة.

وقال قتادة: (سأل عذاب الله أقوام، فبين الله على من يقع)، على الكافرين.

(وروى عروة بن ثابت أنه من السيلان وأنه واحد من أودية جهنم يقال له: سائل. فتكون الهمزة بدلاً من " يا " في سائل.

وقوله: { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } معناه بعذاب للكافرين واجب لهم يوم القيامة واقع بهم. وقيل (للكافرين).

معناه: على الكافرين، قاله الضحاك، وكذلك هي في قراءة أبي: " على الكافرين " ).

وقال الفراء: التقدير: بعذاب للكافرين واقع، ولا يجوز عندهم تعلق.

" للكافرين " بـ " واقع ". وقال الحسن: أنزل الله جل وعز { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } فقالوا: لمن هو؟ وعلى من يقع؟ فأنزل الله: { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } ، فهذا يدل (على) تعلق اللام بـ " واقع ".

فأما الباء في { بِعَذَابٍ } فإن المبرد يقول: هي متعلقة بالمصدر الذي دَلَّ عليه الفعل. وقال غيره: هي زائدة بمنزلة قولهوَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } [الحج: 25]. والباء - في قول من جعله من السؤال - بمعنى " عن " ، وهو قول الحسن، وقاله من أهل اللغة ابن السّكّيت.

- وقوله { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ }.

أي: ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله رادٌّ يرده عنهم.

- وقوله { ذِي ٱلْمَعَارِجِ }:

أي: ذو العلو والدرجات والفواضل والنعم، قاله ابن عباس وقتادة.

وعن ابن عباس: { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } ذي الدرجات. وقيل: إن الملائكة تعرج إليه، فنسب (ذلك إلى نفسه).

- ثم قال تعالى: { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ }.

أي: تصعد الملائكة والروح - وهو جبريل عليه السلام إلى الله.

{ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }.

أي: كان مقدار صعودهم ذلك - لغيرهم من الخلق - خمسين ألف سنة، وهم يصعدون في يوم يقدره الله، وذلك أنها تصعد من منتهى أمر الله جل ذكره من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمره من فوق السماوات السبع، هذا معنى قول مجاهد. قال مجاهد:فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ } [السجدة: 5] يعني بذلك نزول الوحي من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد، فذلك مقداره ألف سنة؛ لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة.

السابقالتالي
2