الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ }

{ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا ففازوا * { وَتَوَاصَوْا } أوصى بعضهم بعضا * { بِالحَقِّ } وهو الإيمان وما يتفرع عليه والحق ما ثبت ولم يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل وقيل الحق لله وقيل القرآن. * { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } على الطاعة والمصائب وعن المعاصي عطف خاص لشرفه على عام وقيل المراد بالخسران الهرم وانقطاع الثواب إلا هؤلاء المستثنين فلا ينقطع ثوابهم ولو تركوا عمل الشباب والمشهور ما مر غير هذا ومما ورد في صفة التواصي أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذل التقيا وأرادا التفرق أخذ كل بيد صاحبه ثم قرأ كل منهما والعصر إلى آخره وليس ذلك عطف خاص على عام إذا أريد بالعمل العمل الكامل كذا قيل والظاهر أن العطف في هذا الوجه عطف خاص أيضا فإن الصبر من الأعمال الكاملة وكذا التواصي وذكر سبب الربح وهو الإيمان وإصلاح العمل والتواصي دون سبب الخسر اكتفاءا ببيان المكصود وإيذانا بأن ما عدا سبب الربح يؤدي الى الخسران قيل أو نقص حظا وتكرما فإن الإبهام في جانب الخسر كرم قيل وهل شيء أفضل من الصبر فقيل لا عمل أفضل منه ولا ثواب أكبر من ثوابه ولا زاد إلا التقوى إلا بالصبر ولا معين على الصبر إلا الله وهو من العمل بمنزلة الرأس من الجسد لا يصلح أحدهما إلا بصاحبه وأجله انتظار الفرج وأفضل الصبر مجاهدة النفس على الطاعة واجتناب المعاصي وهو إما صبر على الدنيا حتى ينال ما تشتهي النفس وهو مذموم وإما صبر على الآخرة وهو ممدوح وهذا إما صبر على الطاعة أو عن المعصية أو على المصائب أو على ما جرى منها على يد مخلوق وهذا فضيلة من حيث عدم المعاقبة، ولحق رجل بأويس رضي الله عنه فسمعه يقول اللّهم اني أعتذر إليك اليوم من كل كبد جائعة وبدل عار فإنه ليس في بيتي من الطعام إلا ما في بطني وليس لي من الدنيا إلا ما على ظهري وكانت عليه خرق وقال له رجل كيف أصبحت أو قال كيف أمسيت قال أصبحت أحمد الله وما تسأل عن حال رجل إذا أصبح ظن أنه لا يمسي وإذا أمسى ظن أنه لا يصبح ألا إن ذكر الموت لم يدع للمؤمن فرحا وحق الله ما في مال مسلم يدع له ذهبا ولا فضة وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدع لمؤمن صديقا فوالله لأمرن بعرف وأنهي عن نكر ولو شتموا أعراضنا ووجدوا على ذلك أعوانا ولو قدفوني بالعظائم لا أدع أن أقوم لله فيهم واعلم أنك اليوم أحوج لآخر كلامه بكل احتياج من حيث أن الدين أشرف على الفوت وكان على رمق لكثرة المنافقين والنصارى ويتم ذلك بأول كلامنا وهو الصبر وقد ذكره أيضا في آخر كلامه وقد ذكره في كتابه في نيف وسبعين موضعا مثل

السابقالتالي
2