الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. سَأَل } جرى { سَائِلٌ } واد سائل { بِعَذَابٍ } كما تقول سال الوادى بالماء، وذلك استعارة شبه تتابع العذاب بسيلان الماء، أو كناية عن كثرة الهلاك وذلك عذاب يوم بدر أو عذاب جهنم. وعن زيد بن ثابت سائل واد فى جهنم، والماضى لتحقق الوقوع وذلك من السيلان كما قرأ بن عباس سال سيل والسيل الماء الجارى، ويجوز أن يكون الأَصل سأَل بالهمزة بمعنى دعا فقلبت ألفاً، أو على لغة من يقول سأَل يسأَل بمعنى دعا بالأَلف فى الماضى والمضارع منقلبة عن ياء مكسورة فى الماضى مفتوحة فى المضارع قلبت ألفاً فيهما، وقيل عن واو من ذلك قول حسان إِذ سأَلت هذيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيح لها الزنى:
سأَلت هذيل رسول الله فاحشة   ضلت هذيل بما قالت ولم تصب
والمشهور فى معنى الدعاء سأَل بالهمزة كما قرأ بها الجمهور، يقال سأَل بالطعام أى دعا به أن يؤتى به كقوله تعالىيدعون فيها بفاكهة } [ص: 51] وقد قيل أصله التعدى بنفسه كما هو الظاهر ولكن قرن بالباء لتضمن معنى الاهتمام أو مجاز عن المعنى الاهتمام المتسبب للدعاء الملزوم له، وقد قيل الباء زائدة فى المفعول به، أى طلب عذاباً يقع، وقيل بمعنى عن، والسائل النضر بن الحارث إِذ قال اللهم إِن كان هذا هو الحق من عندك فأَمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فرماه الله بحجر على دماغه فخرج من دبره فمات، ولكن الموجود فى السير أنه قال ذلك لعلى فى غدير خم فى أواخر سنى عمره فلا تكون السورة مكية مع أنها مكية إِجماعاً كما قال الطبرى إِلاوالذين في أموالهم حق معلوم } [المعارج: 24] وقيل أبو جهل إِذ قال: فأسقط علينا كسفا من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، وقيل نوح إِذ سأَل عذاب قومه، وقيل هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعجل عذاب قومه، وتنكير سائل للتعظيم على القولين، والقول بأَنه واد وللتحقير على ما قيل أنه النضر أو أبو جهل أو الحارث.

{ وَاقِعٍ. لّلْكَافِرِينَ } أى واقع على الكافرين كما قرأ به أُبي أو اللام للتعليل أو صلة لواقع وأُجيز أن يتعلق بمحذوف نعت لعذاب، وعن الحسن وقتادة أن أهل مكة خوفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بعذاب فسأَلوه على من يقع فنزلت، قيل على هذا يكون الوقف على واقع والابتداء بللكافرين اى هو للكافرين، وهو غفلة فإِنه لا يلزم فإِنهم سأَلوه فنزلت الآية والإِعراب كما مر ولا إِشكال فجوابهم هو مجموع سأَل سائل بعذاب واقع للكافرين وما فى الآية إِخبار عن سؤالهم { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } الجملة نعت آخر لعذاب، وإِذا احتمل النعت والحال كما هنا فالحمل على النعت أولى، أو مستأَنفة.

السابقالتالي
2