الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: ما كان في القرآن { إذ } فقد كان.

وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله { إني جاعل } قال: فاعل.

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: كل شيء في القرآن (جُعِلَ) فهو خُلِقَ.

وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال: إن الله أخرج آدم من الجنة قبل أن يخلقه ثم قرأ { إني جاعل في الأرض خليفة }.

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها قال الله { إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان، ففسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء، فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنوداً من الملائكة، فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور، فلما قال الله { إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } كما فعل أولئك الجان فقال الله { إني أعلم ما لا تعلمون }.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر. مثله.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة، وكان اسمه الحارث، فكان خازناً من خزان الجنة، وخلقت الملائكة كلهم من نور غير ذلك الحي، وخلقت الجن من مارج من نار. وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت، فأول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا الدماء وقتلوا بعضهم بعضاً، فبعث الله اليهم إبليس في جند من الملائكة فقتلهم حتى ألحقهم بجزائر البحور واطراف الجبال، فلما فعل إبليس ذلك اغتر بنفسه وقال: قد صنعت شيئاً لم يصنعه أحد، فاطلع الله على ذلك من قلبه ولم تطلع عليه الملائكة. فقال الله للملائكة { إني جاعل في الأرض خليفة } فقالت الملائكة { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } كما أفسدت الجن قال { إني أعلم ما لا تعلمون } يقول: إني قد أطلعت من قلب ابليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره.

ثم أمر بتربة آدم فرفعت، فخلق الله آدم عليه السلام من طين { لازب } واللازب اللزج الطيب من { حمإ مسنون } منتن، وإنما كان حمأ مسنوناً بعد التراب، فخلق منه آدم بيده، فمكث أربعين ليلة جسداً ملقى، فكان ابليس يأتيه يضربه برجله، فيصلصل فيصوت ثم يدخل من فيه ويخرج من دبره، ويدخل من دبره ويخرج من فمه، ثم يقول: لست شيئاً، ولشيء ما خلقت! ولئن سلطت عليك لأهلكنك، ولئن سلطت علي لأعصينك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8