الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

قوله: { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أخرج الترمذي من حديث أم سلمة قالت: " قلت: يا رسول الله؛ يغزو الرجال، ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث ".

وفي رواية أخرى: " فياليتنا كنا رجالاً، فأنزل الله: { ولا تتمنوا } ".

قال مجاهد: وأُنزل فيها:إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } [الأحزاب: 35]. وكانت أمُّ سلمة أولَ ظَعِينَة قدمت المدينة مهاجرة.

وهذا نهيٌ للإنسان أن يتمنى مال غيره، أو جاهه أو نعمة من النِعَم التي أنعم الله بها عليه، فإنه الحسد المذموم.

قال الحسن: لا تَتَمَنَّ مال فلان، ولا مال فلان، فلا تدري لعل هلاكَك في ذلك المال.

{ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ } قال قتادة ومقاتل: يعني: من الثواب والعقاب، فالمرأة تُثاب كثواب الرجل، وتأثم كإثمه، فإن الرجال قالوا حين رأوا ما فُضِّلوا به، حين أُضعف لهم الميراث: إنا لنرجو أن نُفضَّل على النساء بحسناتنا كما فُضِّلنا في الميراث، وقال النساء: إنَّا لنرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال، كما لنا من الميراث على النصف من نصيبهم.

{ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } وقرأ ابن كثير والكسائي: " وسَلُوا " بطرح الهمز في كل موضع جاء الأمر مواجهاً به وقبله واو أو فاء، نحو:فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ } [الأنبياء: 7]،وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا } [الزخرف: 45].

والمعنى: لا تتمنوا ما فضَّل الله به غيركم، واسألوا الله من فضله وأن يرزقكم كما رزق غيركم، فإنَّ خزائنَه لا تنفد.

وفي قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } تنبيهٌ على أنه قَسَمَ نِعَمَهُ بين عباده على حسبما اقتضته الحكمة الإلهية.

وفيما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال: " إني أُدَبر عبادي بعلمي فيهم، إني عليم خبير ".