الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ }

تضمنت هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل الأولى ـ أن الله جل وعلا جعل السماء سقفاً، أي لأنها للأرض كالسقف للبيت. الثانية ـ أنه جعل ذلك السقف محفوظاً. الثالثة ـ أن الكفار معرضون عما فيها " أي السماء " من الآيات، لا يتعظون به ولا يتذكرون. وقد أوضح هذه المسائل الثلاث في غير هذا الموضع أما كونه جعلها سقفاً فقد ذكره في سورة " الطور " أنه مرفوع وذلك من قولهوَٱلطُّورِ وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } الطور 1-5 الآية. وأما كون ذلك السقف محفوظاً فقد بينه في مواضع من كتابه، فبين أنه محفوظ من السقوط في قولهوَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } الحج 65، وقولهوَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ } الروم 25، وقوله تعالىإِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } فاطر 41، وقولهوَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ } البقرة 255، وقولهوَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } المؤمنون 17 على قول من قال وما كنا عن الخلق غافلين. إذ لو كنا نغفل لسقطت عليهم السماء فأهلكتهم. وبين أنه محفوظ من التشقق والتفطر، لا يحتاج إلى ترميم ولا إصلاح كسائر السقوف إذا طال زمنها. كقوله تعالىهَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } الملك 3، وقوله تعالىأَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } ق 6 أي ليس فيها من شقوق ولا صدوع. وبين أن ذلك السقف المذكور محفوظ من كل شيطان رجيم. كقولهوَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } الحجر 17، وقد بينا الآيات الدالة على حفظها من جميع الشياطين في سورة " الحجر ". وأما كون الكفار معرضين عما فيها من الآيات فقد بينه في مواضع من كتابه. كقوله تعالىوَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } يوسف 105، وقولهوَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ } القمر 2 الآية، وقولهإِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ } يونس 96-97، وقولهوَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } يونس 101.