الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }

{ جنات عدن } يقال عدن بمكان كذا اذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر كما فى المفردات اى بساتين استقرار وثبات واقامة بلا رحيل لانه لا سبب للرحيل عنها وهو اما بدل من الفضل الكبير بتنزيل السبب منزلة المسبب او مبتدأ خبره قوله تعالى { يدخلونها } جمع الضمير لان المراد بالسابق الجنس وتخصيص حال السابقين ومالهم بالذكر والسكوت عن الفريقين الآخرين وان لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقا لكن فيه تحذير لهما من التقصير وتحريض على السعى فى ادراك شئون السابقين. وقال بعضهم المراد بالاصناف الثلاثة الكافر والمنافق والمؤمن او اصحاب المشأمة واصحاب الميمنة ومن اريد بقوله تعالىالسابقون السابقون } او المنافقون والمتابعون بالاحسان واصحاب النبى عليه السلام او من يعطى كتابه وراء ظهره ومن يعطى كتابه بشماله ومن يعطى كتابه بيمينه. فعلى هذه الاقوال لا يدخل الظالم فى الجنات لكونه غير مؤمن وحمل هذا القائل الاصطفاء على الاصطفاء فى الخلقة وارسال الرسول اليهم وانزال الكتاب والاول هو الاصح وعليه عامة اهل العلم كما فى كشف الاسرار. قال ابو الليث فى تفسير اول الآية واخرها دليل على ان الاصناف الثلاثة كلهم مؤمنون. فاما اول الآية فقوله { ثم اورثنا الكتاب } فاخبر انه اعطى الكتاب لهؤلاء الثلاثة. واما آخر الآية فقوله { يدخلونها } اذ لم يقل يدخلانها ـ وروى ـ عن كعب الاحبار انه قيل له ما منعك ان تسلم على يدى رسول الله عليه السلام قال كان ابى مكننى من جميع التوراة الا ورقات منعنى ان انظر فيها فخرج ابى يوما لحاجة فنظرت فيها فوجدت فيها نعت امة محمد وان يجعلهم الله يوم القيامة ثلاثة اثلاث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة وثلث تشفع لهم الملائكة والنبيون فاسلمت وقلت لعلى اكون من الصنف الاول وان لم اكن من الصنف الثانى او من الصنف الثالث فلما قرأت القرآن وجدتها فى القرآن وهو قوله تعالىثم اورثنا الكتاب } الى قوله { يدخلونها }. وفى التأويلات النجمية لما ذكرهم اصنافا ثلاثة رتبها ولما ذكر حديث الجنة والتنعم والتزين فيها ذكرهم على الجمع { جنات عدن } الآية نبه على ان دخولهم الجنة لا باستحقاق بل بفضله وليس فى الفضل تميز فيما يتعلق بالنعمة دون ما يتعلق بالمنعم لان فى الخبر " ان من اهل الجنة من يرى الله سبحانه فى كل جمعة بمقدار ايام الدنيا مرة ومنهم من يراه فى كل يوم مرة ومنهم من هو غير محجوب عنه لحظة " كما سبق { يحلون } التحلية بازيور كردن اى يلبسون على سبيل التزين والتحلى نساء ورجالا خبر ثان او حال مقدرة { فيها } اى فى تلك الجنات { من اساور من ذهب } من الاولى تبعيضية والثانية بيانية.

السابقالتالي
2