الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ }

قوله عز وجل: { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ } الى قوله: { يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } [الآية: 35].

قال ابن عطاء رحمه الله: زين الله تعالى السماوات باثنى عشر برجًا وهو الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدى، والدلو، والحوت. وزين قلوب العارفين باثنى عشرة خصلةٍ: الذهن، والانتباه، والشرح، والعقل، والمعرفة، واليقين، والفهم، والبصيرة، وحباء القلب، والرجاء، والحياء، والمحبة فما دام هذه الروح قائمة يكون العالم على النظام والسعة. وكذلك ما دامت هذه الخصال فى قلب العارفين يكون فيها نور العافية وحلاوة العبادة.

قال أبو سعيد الخراز: فى قوله: { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ } المشكاة: جوف محمد صلى الله عليه وسلم، والزجاجة: قلبه، والمصباح: النور الذى قد جعل الله فيه كأنها كوكب درى توقد من شجرة مباركة، والشجرة: إبراهيم صلى الله عليه وسلم جعل الله فى قلبه من النور ما جعل فى قلب محمد صلى الله عليه وسلم.

قال ابن مسعود: مثل نور المؤمن كمشكاة، وهى الكوّة التى تنفذ لها إشارة إلى صدر المؤمن فيها مصباح وهو نور قلب المؤمن والمصباح فى زجاجة والزجاجة سر المؤمن.

قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إن لله أوانٍ فأحبها إليه ما صفا ورقَّ كأنها كوكب درى ".

قال الواسطى رحمه الله: نفس خلقها الله مؤمنة فسماها شجرة مباركة كشجرة الزيتونة.

قال سهل: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال سفيان الثورى رحمه الله: مثل نور القرآن.

وقال الحسن البصرى: عنى بذلك قلب المؤمن، وضياء التوحيد لأن قلوب الأنبياء أنور من أن توصف بمثل هذه الأنوار.

قوله تعالى وتقدس: { لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ } [الآية: 35].

قال ابن عطاء: لا قرب فيها، ولا بعد، فالله من القرب بعيد، ومن البعد قريب.

قال جعفر رضى الله عنه فى هذه الآية: لا خوف يجلب القنوط، ولا رجاء يجلب الانبساط، فيكون قائمًا من الخوف والرجاء.

قال الواسطى رحمه الله: لا دنيا به، ولا آخر به جذبها الحق الى قربه، وأكرمها بضيائه { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ } يكاد ضياء روحها يتوقد، { وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } أى ولو لم يدعه نبىّ، ولا يسمعه كتاب، { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ } نور الهداية وافق نور الروح، { يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } لا باجتهاد المجتهدين، وطلب الطالبين وهرب الهاربين.

قال الجنيد رحمه الله تعالى: فى قوله { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } قال هو منوّر قلوب الملائكة حتى سبحوه، وقدسوه، ومنوّر قلوب الرسل حتى عرفوا حقيقة المعرفة، وعبدوه حقيقة العبودية، وكذلك المؤمنون فقال: أنا منور قلوبكم بالهداية، والمعرفة.

وقال الجنيد رحمه الله فى قوله: { لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ } لا هى مائلة الى الدنيا، ولا راغبة فى الآخرة فانية الحظ من الأكوان.

السابقالتالي
2 3 4 5 6