الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }

قوله تعالى { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } بين الله سبحانه ان لا يبلغ احد الى درجة الخلق الحسن وحسنات الاعمال وسيات الافعال الا من يصبر فى بلاء الله وامتحانه بالوسائط وغير الوسائط ولا يحتمل هذه البليات الا ذو حظ من مشاهدته ونصيب من قربه ووصاله صاحب معرفة كاملة ومحبة وشاملة وكمال هذا الصبر الاتصاف بصبر الله ثم الصبر فى مشاهدة الازل فالبصبر الاتصافى والمشاهدة الابدى والحظ الجمالى يوازى طوارق صدمات الالهية وغلبات القهارية قال بعضهم لا يطيق احد الهجوم على المعارف الا من يصبر على احتمال النوائب والشدايد فيها ولا يرى لنفسه قيمة ولا لروحه خطراً اذا ذاك يمكنه مجاورة المعارف والهجوم عليها وقال ابن عطا لا يوفق لجميل الاخلاق الا الصابرون على حفظ الخلاف وقال الجنيد فى قوله وما يلقاها الا ذو حظ عظيم ما يوفق لهذا المقام الا ذو حظ من عناية الحق فيه قال ابن عطا ذو معرفة بالله وايامه وقال الجريرى اى ذو علم بالله وذو فهم منه وراجع اليه فى كل احواله ثم داوى الحق سبحانه المتبصرين فى احتمال البلاء وعلمهم جذب الصبر والتحمل بالاستعانة بعد طيران خطرات الشيطان على قلوبهم بقوله { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } علم حبيبه صلى الله عليه وسلم كي يدفع شر الشيطان عن نفسه حين القاه سهم الغيرة عن كنانة مخاييله وهذا تعليم لأمته اذا كان شيطانه اسلم على يده اى فرّوا الى الله اذا نزغكم قهر الله يدفع عنكم شر الشيطان ويوريكم من قهره بلطفه الا ترى كيف استعاذ النبى صلى الله عليه وسلم منه اليه بقوله " اعوذ بك منك " وقال بعضهم من طرد الشيطان عن نفسه فهو قرينه ابدا ومن طرده بالالتجاء الى الله والاستعاذة به منه لم يجعل الله للشيطان عليه سبيلاً لأن الله يقول:وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } وسئل ابو حفص بماذا يتخلص المؤمن من الشيطان قال بتصحيح العبودية الا ترى الله يقول ان عبادى ليس لك عليهم سلطان وقال الاستاذ لا يتخلص العبد من نزعات الشيطان الا بصدق الاستعانة بالله وصدق الاستغاثة فيه.