الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }

وفيه مسألتان: المسألة الأولى: في تفسير الآية وجهان الأول: أن { يَتَقَدَّمَ } في موضع الرفع بالابتداء ولمن شاء خبر مقدم عليه كقولك: لمن توضأ أن يصلي، ومعناه التقدم والتأخر مطلقان لمن شاءهما منكم، والمراد بالتقدم والتأخر السبق إلى الخير والتخلف عنه، وهو في معنى قوله:فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29] الثاني: لمن شاء بدل من قوله للبشر، والتقدير: إنها نذير لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر، نظيرهوَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ } [آل عمران: 97]. المسألة الثانية: المعتزلة احتجوا بهذه الآية على كون العبد متمكناً من الفعل غير مجبور عليه وجوابه: أن هذه الآية دلت على أن فعل العبد معلق على مشيئته، لكن مشيئة العبد معلقة على مشيئة الله تعالى لقوله:وَمَا تَشَاءونَ إِلاَّ أَن يَشَاء ٱللَّهُ } [الإنسان: 30] وحينئذ تصير هذه الآية حجة لنا عليهم، وذكر الأصحاب عن وجه الاستدلال بهذه الآية جوابين آخرين الأول: أن معنى إضافة المشيئة إلى المخاطبين التهديد، كقوله:فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29] الثاني: أن هذه المشيئة لله تعالى على معنى لمن شاء الله منكم أن يتقدم أو يتأخر.