الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } * { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } * { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

{ يومَ يقومُ والرُّوحُ الملائكةُ صَفّاً } في الروح ها هنا ثمانية أقاويل:

أحدها: الروح خلق من خلق الله كهيئة الناس وليسوا أناساً، وهم جند للَّه سبحانه، قاله أبو صالح.

الثاني: أنهم أشرف الملائكة، قاله مقاتل بن حيان.

الثالث: أنهم حفظة على الملائكة، قاله ابن أبي نجيح.

الثالث: أنهم حفظة على الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.

الرابع: أنه ملك من أعظم الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.

الخامس: هو جبريل عليه السلام، قاله سعيد بن جبير.

السادس: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.

السابع: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.

الثامن: أنه القرآن، قاله زيد بن أسلم.

{ لا يتكلمونَ إلا مَنْ أَذِنَ له الرحمنُ } فيه قولان:

أحدهما: لا يشفعون إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة، قاله الحسن.

الثاني: لا يتكلمون في شيء إلا من أذن له الرحمن شهادة أن لا إله إلا الله، قاله ابن عباس.

{ وقالَ صَواباً } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: يعني حقاً، قاله الضحاك.

الثاني: قول لا إله إلا الله، قاله أبو صالح.

الثالث: أن الروح يقول يوم القيامة: لا تُدخل الجنة إلا بالرحمة، ولا النار إلا بالعمل، فهو معنى قوله " وقال صواباًَ " قاله الحسن.

ويحتمل رابعاً: أنه سؤال الطالب وجواب المطلوب، لأن كلام الخلق في القيامة مقصور على السؤال والجواب.

{ ذلك اليومُ الحقُّ } يعني يوم القيامة، وفي تسميته الحق وجهان:

أحدهما: لأن مجئيه حق وقد كانوا على شك.

الثاني: أنّ الله تعالى يحكم فيه بالحق بالثواب والعقاب.

{ فمن شاءَ اتّخَذ إلى ربِّه مآباً } فيه وجهان:

أحدهما: سبيلاً، قاله قتادة.

الثاني: مرجعاً، قاله ابن عيسى.

ويحتمل ثالثاً: اتخذ ثواباً لاستحقاقه بالعمل لأن المرجع يستحق على المؤمن والكافر.

{ إنّا أنذْرْناكم عَذاباَ قريباً } فيه وجهان:

أحدهما: عقوبة الدنيا، لأنه أقرب العذابين، قاله قتادة، وقاله مقاتل: هو قتل قريش ببدر.

الثاني: عذاب يوم القيامة، لأنه آت وكل آت قريب، وهو معنى قول الكلبي.

{ يومَ ينظُرُ المْرءُ ما قدَّمَتْ يَداهُ } يعني يوم ينظر المرء ما قدّم من عمل خير، قال الحسن: قدَّم فقَدِم على ما قَدَّم. ويحتمل أن يكون عامّاً في نظر المؤمن إلى ما قدّم من خير، ونظر الكافر إلى ما قدّم من شر.

{ ويقولُ الكافرُ يا لَيْتني كنتُ تُراباً } قال مجاهد يبعث الحيوان فيقاد للمنقورة من الناقرة، وللمركوضة من الراكضة، وللمنطوحة من الناطحة، ثم يقول الرب تعالى: كونوا تراباً بلا جنة ولا نار، فيقول الكافر حينئذ: يا ليتني كنت تراباً وفي قوله ذلك وجهان:

أحدهما: يا ليتني صرت اليوم مثلها تراباً بلا جنة ولا نار، قاله مجاهد. الثاني: يا ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا وأكون اليوم تراباً، قاله أبو هريرة: وهذه من الأماني الكاذبة كما قال الشاعر:

ألا يا ليتني والمْرءُ مَيْتُ   وما يُغْني من الحدثانِ لَيْت.
قال مقاتل: نزل قوله تعالى: { يوم ينظر المرء ما قدّمت يداهُ } في أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ونزل قوله تعالى: { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } في أخيه الأسود بن عبد الأسد.