الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

صرح تعالى في هذه الآية الكريمة، أن هذا القرآن لا يكون مفترى من دون الله مكذوباً به عليه، وأنه لا شك في أنه من رب العالمين جل وعلا، وأشار إلى أن تصديقه للكتب السماوية المنزلة قبله وتفصيله للعقائد والحلال والحرام ونحو ذلك. مما لا شك أنه من الله جل وعلا. دليل على أنه غير مفترى. وأنه لا ريب في كونه من رب العالمين، وبين هذا في مواضع أخر كقولهلَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون } يوسف 111. وقولهوَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } الشعراء 210-211 وقولهوَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ } الإسراء 105 والآيات في مثل ذلك كثيرة. ثم إنه تعالى لما صرح هنا بأن هذا القرآن ما كان أن يفترى على الله، أقام البرهان القاطع على أنه من الله، فتحدى جميع الخلق بسورة واحدة مثله، ولا شك أنه لو كان من جنس كلام الخلق لقدر الخلق على الإتيان بمثله، فلما عجزوا عن ذلك كلهم حصل اليقين، والعلم الضروري أنه من الله جل وعلا، قال جل وعلا في هذه السورةأَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } يونس 38 وتحداهم أيضاً في سورة " البقرة " بسورة واحدة من مثله، بقولهوَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِه } البقرة 23 الآية وتحداهم في " هود " بعشر سور مثله بقولهأَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَات } هود 13 الآية وتحداهم في " الطور " به كله بقولهفَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } الطور 34. وصرح في سورة " بني إسرائيل " بعجز جميع الخلائق عن الإتيان بمثله بقولهقُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } الإسراء 88 كما قدمنا، وبين أنهم لا يأتون بمثله أيضاً بقولهفَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُوا } البقرة 24 الآية.