الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }

قوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ.. } [ق: 37] أي: في قصص الأمم السابقة الذين أخذهم الله { لَذِكْرَىٰ.. } [ق: 37] تذكير لكم كان يجب عليكم أنْ تعتبروا بهم، وقد بلغكم خبرهم، إما بمشاهدة آثارهم وبقايا ديارهموَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الصافات: 137-138]. وإما بلغكم بسماع خبرهم من الكتب السماوية، والسمع والبصر أهم وسائل الإدراك في الإنسان، لذلك قال هنا { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق: 37] يعني: سمع وشاهد. وقوله سبحانه: { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ.. } [ق: 37] أي: قلب واعٍ متأمل ومدرك غير لاهٍ ولا غافل، وإلا فما فائدة السمع لمنْ ليس له هذا القلب، إنه يسمع من هنا ويُخرج من هنا، فلا يستفيد بما يسمع. وكلمة { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ.. } [ق: 37] فيها كناية عن الاهتمام بالمسموع، فلم يقل مثلاً لمن يسمع: إنما ألقى أذنه وأنصت ليستمع بحضور قلب ليعي المسموع ويستقبله بما يناسبه من البحث العقلي. { وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق: 37] وشهيد صيغة مبالغة على وزن فعيل تدل أيضاً على الاهتمام بما يشاهده وعلى الانتفاع به، فهو يسمع ويشاهد بقلب حاضر وفهم واعٍ بعيد عن الغفلة. ثم يقول الحق سبحانه: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ... }.