الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ }

قوله تعالى: { وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ } «إذْ» بدل من اليوم أي يقول الله للكافر: لن ينفعكم اليوم إذ أشركتم في الدنيا هذا الكلام وهو قول الكافر: { يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } أي لا تنفع الندامة اليوم. «إِنَّكُمْ» بالكسر { فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } وهي قراءة ابن عامر باختلاف عنه. الباقون بالفتح. وهي في موضع رفع تقديره: ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب لأن لكل واحد نصيبه الأوفر منه. أعلم الله تعالى أنه منع أهل النار التأسّي كما يتأسّى أهل المصائب في الدنيا، وذلك أن التأسّي يستروِحه أهل الدنيا فيقول أحدهم: لي في البلاء والمصيبة أسوة فيسكن ذلك من حزنه كما قالت الخنساء:
فلولا كثرة الباكين حولي   على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن   أعزّي النفس عنه بالتأسّي
فإذا كان في الآخرة لم ينفعهم التأسّي شيئاً لشغلهم بالعذاب. وقال مقاتل: لن ينفعكم الاعتذار والندم اليوم لأن قُرَناءكم وأنتم في العذابِ مشترِكون كما اشتركتم في الكفر.