الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } * { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلتُمْ إِلَى الأَرْضِ } قال الحسن ومجاهد: دُعوا إلى غزوة تبوك فتثاقلوا فنزل ذلك فيهم.

وفي قوله { اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ } ثلاثة أوجه:

أحدها: إلى الإقامة بأرضكم ووطنكم.

والثاني: إلى الأرض حين أخرجت الثمر والزرع. قال مجاهد: دعوا إلى ذلك أيام إدراك النخل ومحبة القعود في الظل.

الثالث: اطمأننتم إلى الدنيا، فسماها أرضاً لأنها فيها، وهذا قول الضحاك.

وقد بينه قوله تعالى { أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الأَخَرَةِ } يعني بمنافع الدنيا بدلاً من ثواب الآخرة.

والفرق بين الرضا والإرادة أن الرضا لما مضى، والإرادة لما يأتي.

{ فَمَا مَتَاعُ الَْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الأخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } لانقطاع هذا ودوام ذاك.

قوله عز وجل { إِلاَّ تَنفِرُواْ } يعني في الجهاد.

{ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } قال ابن عباس: احتباس القطر عنهم هو العذاب الأليم الذي أوعدتم ويحتمل أن يريد بالعذاب الأليم أن يظفر بهم أعداؤهم.

{ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } يعني ممن ينفر إذا دُعي ويجيب إذا أُمر.

{ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً } فيه وجهان:

أحدهما: ولا تضروا الله بترك النفير، قاله الحسن.

والثاني: ولا تضرّوا الرسول، لما تكفل الله تعالى به من نصرته، قاله الزجاج.