الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ إلاّ } إنْ لا { تَنفِرُوا } إذا ما استنفركم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم { يُعذِّبْكُم عذاباً أليماً } فى الآخرة، وقيل فى الدنيا بقحط أو ظهور عدو أو نحو ذلك، وعن ابن عباس استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا من العرب فلم ينفروا، فعذبهم الله بالقحط وإمساك المطر، وقول بعضهم إن العذاب الأليم مختص بالآخرة غير مقبول، وكم من عذاب أليم فى الدنيا. { ويسْتَبْدلْ } بكم { قَوماً غَيرَكم } مطيعين لله ورسوله كأهل اليمن، وأبناء فارس، ينصرون دين الله إن خذلتموه، وقيل يهلككم بالعذاب، ويستبدل قوما غيركم ينصرونه، وعن ابن جبير، عن ابن عباس أبناء فارس، وقيل أهل اليمن. { ولا تَضرُّوهُ } أى الله بتثاقلكم فى نصرة دينه، فإن الله غنى عن العالمين فى النصر وغيره، لا يصله ضر من مخلوق ولا نفع، وإنما تضرون أنفسكم، أو الهاء لسبيل الله، وقيل هى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أى لا تضروه بالخذلان، لأن الله وعده النصر وهو ناصره حقا، وهو أنسب بالسياق اللاحق { واللهُ عَلى كلِّ شىءٍ قَديرٌ } فإن شاء نصر دينه ونبيه بلا جنود. قال الحسن، وعكرمة هذه الآية منسوخة لقولهوما كان المؤمنون لينفروا كافة } والصحيح أنها عتاب وخطاب لقوم تثاقلوا، فليست منسوخة، وهى تحضيض على غزوة تبوك، وذلك أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأقباط الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة، أن الروم تجمعت بالشام مع هرقل، فندب الناس إلى الخروج وذلك بعد رجوعه من الطائف، وأعلمهم بالمكان الذى يريد ليتأهبوا، وكان صلى الله عليه وسلم لا يريد الخروج لغزوة إلا ورى عنها بغيرها، إلا غزوة تبوك، فإنه بينها للناس لبعد المشقة، وشدة الحر، وكثرة وذلك بعد رجوعه من الطائف، وأعلمهم بالمكان الذى يريد ليأهبوا، العدو، والناس يريدون المقام فى ثمارهم، وهو وقت طيبها، وقلة إبلهم كما قال ابن عقيل شارح الألفية. خرجوا فى قلة من الظهر، وفى حر شديد، حتى كانوا ينحرون البعير فيشربون ما فى كرشه من الماء، فكان ذلك عسرة فى الماء والظهر والنفقة، فسميت غزوة العسرة، وكان خروجهم إليهم يوم الخميس فى رجب سنة تسع من الهجرة بلا خلاف، وتسمى أيضا الفاضحة، لافتضاح المنافقين، فيها، وعن عمران بن حصين لأن نصارى العرب كتبت إلى هرقل أن هذا الرجل الذى يدعى النبوة هلك وأصابتهم سنون، فهلكت أموالهم، فبعث رجلا من عظمائهم، وجهز معه أربعين ألفا، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للناس قوة، وكان عثمان قد جهز عيرا إلى الشام، فقال يا رسول الله هذه مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها، ومائتا أوقية. قال صاحب المواهب القسطلانى، وهو من علماء الأندلس، منسوب إلى بلدته فى الأندلس وهى قسطلان، قال عمران بن حصين فسمعته يقول " لا يضر عثمان ما عمل بعدها " والعهدة على القسطلانى وعمران، فإن صح ذلك فمعنى ذلك الدعاء له بالخير لا القطع بأنه من أهل الجنة وعن عبد الرحمن بن سمرة

السابقالتالي
2 3 4 5 6