الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ وَأَنذِرْهُمْ } أي الظالمين على ما هو الظاهر. وقال أبو حيان: الضمير لجميع الناس أي خوفهم { يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ } يوم يتحسر الظالمون على ما فرطوا في جنب الله تعالى. وقيل: الناس قاطبة، وتحسر المحسنين على قلة إحسانهم { إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ } أي فرغ من الحساب وذهب أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار وذبح الموت ونودي كل من الفريقين بالخلود. وعن السدي وابن جريج الاقتصار على ذبح الموت، وكان ذلك لما روى الشيخان والترمذي عن أبـي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد / رأوه، ثم ينادي مناد يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت وكلهم قد رأوه فيذبح بين الجنة والنار ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ: وأنذرهم " الآية. وفي رواية عن ابن مسعود أن يوم الحسرة حين يرى الكفار مقاعدهم من الجنة لو كانوا مؤمنين، وقيل: حين يقال لهم وهم في النارٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ } [المؤمنون: 108] وقيل: حين يقالٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } [يس: 59].

وقال الضحاك: ذلك إذا برزت جهنم ورمت بالشرر، وقيل: المراد بذلك يوم القيامة مطلقاً، وروي ذلك عن ابن زيد وفيه حسرات في مواطن عديدة، ومن هنا قيل: المراد بالحسرة جنسها فيشمل ذلك حسرتهم فيما ذكر وحسرتهم عند أخذ الكتب بالشمائل وغير ذلك والمراد بقضاء الأمر الفراغ من أمر الدنيا بالكلية ويعتبر وقت ذلك ممتداً، وقيل: المراد بيوم الحسرة يوم القيامة كما روي عن ابن زيد إلا أن المراد بقضاء الأمر الفراغ مما يوجب الحسرة، وجوز ابن عطية أن يراد بيوم الحسرة ما يعم يوم الموت. وأنت تعلم أن ظاهر الحديث السابق وكذا غيره كما لا يخفى على المتتبع قاض بأن يوم الحسرة يوم يذبح الموت وينادي بالخلود. ولعل التخصيص لما أن الحسرة يومئذٍ أعظم الحسرات لأنه هناك تنقطع الآمال وينسد باب الخلاص من الأهوال. ومن غريب ما قيل: إن المراد بقضاء الأمر سد باب التوبة حين تطلع الشمس من مغربها وليس بشيء، و { إِذْ } على سائر الأقوال بدل من { يَوْمٍ } أو متعلق بالحسرة والمصدر المعرف يعمل بالمفعول الصريح عند بعضهم فكيف بالظرف.

وقوله تعالى: { وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } قال الزمخشري: متعلق بقوله تعالى شأنه: { فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } [مريم: 38] عن الحسن، ووجه ذلك بأن الجملتين في موضع الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور أي مستقرون في ذلك وهم في تينك الحالتين، واستظهر في «الكشف» العطف على قوله تعالى:

السابقالتالي
2