الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ }

{ ومن شر النفاثات } واز شردمند كان. من النفث وهو شبه النفخ يكون فى الرقية ولا ريق معه فان كان معه ريق فهو التفل يقال منه نفث الراقى ينفث وينفث بالضم والكسر والنفاثات بالتشديد يراد منها تكرار الفعل والاحتراف به والنفاثات تكون للدفعة الواحدة من الفعل ولتكراره ايضا { فى العقد } جمع عقدة وهى ما يعقده الساحر على وتر أو حبل او شعر وهو ينفث ويرقى واصله من العزيمة ولذلك يقال لها عزيمة كما يقال لها عقدة ومنه قيل للساحر معقد والمعنى ومن شر النفوس او النساء السواحر اللاتى يعقدن عقدا فى خيوط وينفثن عليها وتعريفها اما للعهد او للايذان بشمول الشر لجميع افرادهن وتمحضهن فيه وتخصيصه بالذكر لما روى ابن عباس رضى الله عنهما وعائشة رضى الله عنها انه كان غلام من اليهود يخدم النبى عليه السلام وكان عنده اسنان من مشطه عليه السلام فاعطاها اليهود فسحروه عليه السلام فيها ولذا ينبغى ان يقطع الظفر بعد التقليم وكذا الشعر اذا اسقط من اللحية والرأس نصفين او اكثر لئلا يسحر به احد وتولاه لبيد بن اعصم اليهودى وبناته وهن النفاثات فى العقد فدفنها فى بئراريس وفى عين المعانى فى بئرلبنى زريق تسمى ذروان فمرض النبى عليه السلام روى انه لبث فيه ستة اشهر فنزل جبرائيل بالمعوذتين بكسر الواو فى القاموس واخبره بموضع السحر وبمن سحره وبم سحره فارسل عليه السلام عليا والزبير وعمارا رضى الله عنهم فنزحوا ماء البئر فكأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا راعونة البئر وهى الصخرة التى توضع فى أسفل البئر فأخرجوا من تحتها الاسنان ومعها وترقد عقد فيه احدى عشرة عقدة مغرزة بالابر فجاؤا بها النبى عليه السلام فجعل يقرأ المعوذتين عليها فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد عليه السلام خفة حتى انحلت العقدة الاخيرة عند تمام السورتين فقام عليه السلام كأنما انشط من عقال وجعل جبرائيل يقول بسم الله ارقيك والله يشفيك من كل شئ يؤذيك من عين وحاسد فلذا جوز الاسترقاء بما كان من كلام الله وكلام رسوله لا بما كان بالعبرية والسريانية والهندية فانه لا يحل اعتقاده فقالوا يا رسول الله أفلا نقتل الخبيث فقال عليه السلام " اما انا فقد عافانى الله واكره ان اثير على الناس شرا " قالت عائشة رضى الله عنها ما غضب النبى عليه السلام غضبا ينتقم لنفسه قط الا ان يكون شيئا هو لله فيغضب لله وينتقم وقيل المراد بالنفث فى العقد ابطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقدة بنفث الريق ليسهل حلها فعلى هذا فالنفاثات هى جنس النساء اللاتى شأنهن ان يغلبن على الرجال ويحولنهم عن آرآئهم بانواع المكر والحيلة فمعنى الآية ان النساء لاجل استقرار حبهن فى قلوب الرجال يتصرفن فيهم يحولنهم من رأى الى رأى فامر الله تعالى له رسوله بالتعوذ من شرهن.

السابقالتالي
2