الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ }

{ قد علمنا ما تنقص الارض منهم } رد لاستبعادهم وازاحة له اى نحن على ذلك فى غاية القدرة فان من عم علمه ولطفه حتى انتهى الى حيث علم ما تنقص الارض من اجساد الموتى وتأكل من لحومهم وعظامهم كيف يستبعد رجعه اياهم احياء كما كانوا عبر بمن لان الارض لا تأكل عجب الذنب فانه كالبذر لاجسام بنى آدم وفى الحديث " كل ابن آدم يبلى الاعجب الذنب فمنه خلق وفيه يركب " والعجب بفتح العين وسكون الجيم اصل الذنب ومؤخر كل شئ وهو ههنا عظم لا جوف له قدر ذرة أو خردلة يبقى من البدن ولا يبلى فاذا أراد الله الاعادة ركب على ذلك العظم سائر البدن واحياه اى غير أبدان الانبياء والصديقين والشهدآء فانها لا تبلى ولا تتفسخ الى يوم القيامة على ما نص به الاخبار الصحيحة قال ابن عطية وحفظ ما تنقص الارض انما هو ليعود بعينه يوم القيامة وهذا هو الحق وذهب بعض الاصوليين الى ان الاجساد المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه قال ابن عطية وهذا عندى خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت غيرها فكيف كانت تشهد الجلود والايدى والارجل على الكفرة الى غير ذلك مما يقتضى ان اجساد الدنيا هى التى تعود وسئل شيخ الاسلام ابن حجر هل الاجساد اذا بليت وفنيت وأراد الله تعالى اعادتها كما كانت اولا هل تعود الاجسام الاول ام يخلق الله للناس اجسادا غير الاجساد الاول فأجاب ان الاجساد التى يعيدها الله هى الاجساد الاول لا غيرها قال وهذا هو الصحيح بل الصواب ومن قال غيره عندى فقد اخطأ فيه لمخالفته ظاهر القرءآن والحديث قال اهل الكلام ان الله تعالى يجمع الاجزآء الاصلية التى صار الانسان معها حال التولد وهى العناصر الاربعة ويعيد روحه اليه سوآء سمى ذلك الجمع اعادة المعدوم بعينه او لم يسم فان قيل البدن الثانى ليس هو الاول لما ورد فى الحديث من ان اهل الجنة جردمرد وان الجهنمى ضرسه مثل أحد فيلزم التناسخ وهو تعلق روح الانسان ببدن انسان آخر وهو باطل قلنا انما يلزم التناسخ ان لو لم يكن البدن الثانى مخلوقا من الاجزآء الاصلية للبدن الاول يقول الفقير البدن معاد على الاجزآء الاصلية وعلى بعض الفضلة ايضا وهو العجب المذكور فكانه البدن الاول فلا يلزم التناسخ جدا والتغاير فى الوصف لا يوجب التغاير فى الذات فقد ثبت ان الخضر عليه السلام يصير شابا على كل مائة سنة وعشرين سنة مع ان البدن هو البدن الاول وكذا قال ابن عباس رضى الله عنهما ان ابليس اذا مرت عليه الدهور وحصل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة واختلف القائلون بحشر الاجسام فمنهم من ذهب الى ان الاعادة تكون فى الناس مثل ما بداهم بنكاح وتناسل وابتدآء بخلق من طين ونفخ كما جرى من خلق آدم وحوآء وخلق البنين من نسل ونكاح الى آخر مولود فى العالم البشرى كل ذلك فى مدة قصيرة على حسب ما يقدره الحق تعالى واليه ذهب الشيخ ابو القاسم بن قسى فى كتاب خلع النعلين له فى قوله تعالى

السابقالتالي
2