الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

{ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } [المجادلة: 4] يعني: إطعام الخواطر دخلت عليه من السكينة بطعام الذكر القالبي والنفسي والقلبي والسري والروحي والخفي عشراً عشراً عدد السنين، والمراد من العشر في كل مقام أن الحواس الظاهرة والباطنة ينبغي أن تكون حاضرة وقت الذكر، فإن كانت [متغافلة] لا يحاسب به، ولا يقبل منه ولا يخرج من عهده الكفارة { ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [المجادلة: 3] يعني: هذا الحكم أوجب عليكم ليكون لكم موعظة وعبرة وتذكرة؛ لئلا ترجعوا إلى قول الزور والمنكر الذي يلوث مجاري الذكر ويظهر فيه الضعف حتى يترك الذكر اللسان، وهذا الضعف من شؤم ما يجري على لسان السالك من الفحش، ومما لا يعنيه في دينه ودنياه { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } [المجادلة: 4] الرقبة والطعام لفاقته { فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا } [المجادلة: 4] وهو السكوت عن غير الذكر القالبي والنفسي والقلبي والسري والروحي والخفي في شهرين الجسماني والروحاني من غير فترة ليظهر بذلك مجاري الذكر الكريم { فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ } [المجادلة: 4] الصوم والإطعام لمساكين خواطر السكينة بأذكار اللطائف الستة مع حضور الحواس العشرة الظاهرة والباطنة وتحرير الرقبة { فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } [المجادلة: 4] من مساكين حرم [الصدر] وهم أهل الصفة من نزاع القبائل اجتمعوا للذكر من قبائل قوى العناصر الأربعة والصورة والمادة الجامعة في مسجد [قبالة] الدماغ، فيجب على السالك أن يطعمهم من طعام الذكر اللساني حتى يشبعوا { ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } [المجادلة: 4] يعني: ذلك الحكم حكمنا به ليصدقوا أمر الحق، واللطيفة الخفية { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } [المجادلة: 4] يعني: تحرير الرقبة وإطعام المساكين والقوم ولا تحسب أيها السالك أن تكرار لفظ إطعام المساكين في عالم الأنفس بلا معنى؛ لأن الله لا يكرر لفظاً إلا وله في تكراره حكمة خاصة، وأشرنا إلى بعض تلك الحكمة من قبل فاجتهد أن تفهمها { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [المجادلة: 4] يعني: من يكفر بحدودنا ولم يصدق نبينا، ولم يؤمن بواردنا من القوى القالبية والنفسية المعاندة الكافرة يعذب بها عذاباً أليماً وقت كشف الغطاء بأن يطلع على حكمتنا المودعة في تلك الأحكام المنتجة للمؤتمر بها تعم المعارف وتجعلها سبب إنزاع الآلات والأدوات عنها بالائتمار بها عذاب خسرة الفوت، وهو أشد العذاب { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [المجادلة: 5] يعني: الكافرة والمشركة القالبية والنفسية يحادون الله واللطيفة المرسلة الخفية، ويخالفون أمر الوارد ويتعدون حدود الله { كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } [المجادلة: 5] يعني: أذلوا وأهلكوا وكبوا على وجوههم لاستكبارهم وإبائهم الحق، كما أذل وأهلك من القوى المستكبرة على اللطائف المرسلة { وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [المجادلة: 5] أنفسية على السالك، فإذا لم يؤمن بها، ويكفر بنعمة الآيات النعمة الأنفسية

السابقالتالي
2