الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

أي لم يكافئه أحد ولم يماثله ولم يشاكله من صاحبة وغيرها. وقيل هو نفي للكفاءة المعتبرة بين الأزواج وهو كما ترى. و { لَهُ } صلة { كُفُواً } على ما ذهب إليه المبرد وغيره والأصل أن يؤخر إلا أنه قدم للاهتمام لأن المقصود نفي المكافاة عن ذاته عز وجل وللاهتمام أيضاً قدم الخبر مع ما فيه من رعاية الفواصل، قيل له إن الظرف هنا وإن لم يكن خيراً مبطل سقوطه معنى الكلام لأنك لو قلت لم يكن كفواً أحد لم يكن له معنى فلما احتيج إليه صار بمنزلة الخبر فحسن ذلك. وقال أبو حيان كلام سيبويه في الظرف الذي يصلح أن يكون خبراً وهو الظرف التام وما هنا ليس كذلك. وقال ابن الحاجب قدم الظرف للفواصل ورعايتها ولم يقدم على { أَحَدٌ } لئلا يفصل بين المبتدا وخبره وفيه نظر ظاهر وجوز أن يكون الظرف حالاً من { أَحَدٌ } قدم عليه رعاية للفاصلة ولئلا يلتبس بالصفة أو الصلة وأن يكون خبراً ليكن ويكون { كُفُواً } حالاً من { أَحَدٌ } قدم عليه لكونه نكرة أو حالاً من الضمير في الظرف الواقع خبراً وهذا الوجه نقله أبو علي في «الحجة» عن بعض النحاة ورد بأنه كما سمعت آنفاً عن أبـي حيان ظرف ناقص لا يصح أن يكون خبراً فإن قدر له متعلق خاص وهو مماثل ونحوه مما تتم به الفائدة يكون { كُفُواً } زائداً ولعل وقوع الجمل الثلاث متعاطفة دون ماعداها من هذه السورة لأنها سيقت لمعنى وغرض واحد وهو نفي المماثلة والمناسبة عنه تعالى بوجه من الوجوه وما تضمنته أقسامها لأن المماثل إما ولد أو والد أو نظير غيرهما فلتغاير الأقسام واجتماعها في المقسم لزم العطف فيها بالواو كما هو مقتضى قواعد المعاني.

وفي { كفواً } لغات ضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الفاء وضم الكاف مع ضم الفاء. وقرأ حمزة ويعقوب ونافع في رواية { كفؤاً } بالهمز والتخفيف وحفص بالحركة وإبدال الهمزة واواً وباقي السبعة بالحركة مهموزاً وسهل الهمزة الأعرج وأبو جعفر وشيبة ونافع في رواية وفي أخرى عنه (كفى) من غير همز نقل حركة الهمزة إلى الفاء وحذف الهمزة. وقرأ سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس (كفاء) بكسر الكاف وفتح الفاء والمد كما في قول النابغة:
لا تقذفني بركن لا كفاء له   
أي لا مثل له كما قال الأعلم.

وهذه السورة الجليلة قد انطوت مع تقارب قطريها على أشتات المعارف الإلٰهية والعقائد الإسلامية ولذا جاء فيها ما جاء من الأخبار وورد ما ورد من الآثار. ودل على تحقيق معنى الآلٰهة بالصمدية التي معناها وجوب الوجود أو المبدئية لوجود كل ما عداه من الموجودات ثم عقب ذلك ببيان أنه لا يتولد عنه غيره لأنه غير متولد عن غيره وبين أنه تعالى وإن كان إلهاً لجميع الموجودات فياضاً للوجود عليها / فلا يجوز أن يفيض الوجود على مثله كما لم يكن وجوده من غيره ثم عقب ذلك ببيان أنه ليس في الوجود ما يساويه في قوة الوجود فمن أول السورة إلى

السابقالتالي
2