لَمَّا وعَدَ مُؤْمني أهل الكتاب بما وعد وكان حكم الظِّهار في شرائعهم الفراق المؤبد، أمرهم بتحليله بالكفارة لينالوا ما وعد فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ }: خولة { ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ }: تراجعك { فِي زَوْجِهَا }: أوس إذ قال لها: أنت علي كظهر أمي فكمت بتحريمها عليه { وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ }: وحدتها وعجزها { وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ }: تراجعكما الكلام { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ }: بنحو الصيغة المذكورة من تشبهها بجزء محرم أنثى لم تكن حلالا قط { مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ }: حقيقة { إِنْ }: أي: ما { أُمَّهَاتُهُمْ }: حقيقة { إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ }: بالظهار { لَيَقُولُونَ }: شيئا { مُنكَراً }: في الشرع { مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً }: كذبا { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }: لما سلف منهم { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ }: يرجعون { لِمَا }: أي: عما { قَالُواْ }: بأن لا يطلقوها إلى زمن يمكنهم ذلك عند الشافعي وباستبحة استمتاعها عند الحنفية ولو بنظرة شهوة، وبالعزم على الجماع عند مالك { فَتَحْرِيرُ }: أي: إعتاق { رَقَبَةٍ }: مؤمنة سليمة عن مخل بالعمل لزمهم { مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا }: بوطء أو استمتاع { ذَلِكُمْ }: الحكم { تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ }: الرقبة { فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ }: عليه { مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا }: كما مر، ووطئها أثناءهما لا يقطع التتابع عندنا { فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ }: الصوم لنحو مرض وكبر وشدة شبق { فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً }: علكيه من قبل أن يتماسا عندنا { ذَلِكَ }: التعليم { لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ }: برفق عادة الجاهلية { وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ }: بها { عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ }: يعاندون { ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ }: خذلوا { كَمَا كُبِتَ }: الكفار { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ }: على صدق الرسول { وَلِلْكَافِرِينَ }: بها { عَذَابٌ مُّهِينٌ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ }: توبيخا { أَحْصَاهُ }: ضبطه { ٱللَّهُ وَنَسُوهُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }: مُطلعٌ { أَلَمْ تَرَ }: تعلم { أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ }: فقي حالة هو بالعلم { رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ }: وتخصيص العددين لخصوص الواقعة { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ }: توبيخا { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * أَلَمْ تَرَ }: يا محمد { إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ }: اليهود والمنافقون الذين كانوا يتناجون إغضابا للمؤمنين { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ }: أي: عن النجوى { وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ }: للمؤمنين { وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ }: يا محمد { حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ }: بقولهم: السام عليك، وهو الموت، وقال تعالى{ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } [النمل: 59]: وقال تعالى ليلة المعراج: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وكان صلى الله عليه سلم يردهم بقوله: عليكم { وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ }: هلا: { يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ } له إن كان نبيا { حَسْبُهُمْ }: كافيه { جَهَنَّمُ }: عذاب { يَصْلَوْنَهَا }: يدخلونها { فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }: جهنم { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ }: كهؤلاء { وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ }: الطاعة { وَٱلتَّقْوَىٰ }: العفاف عن المعاصي { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }: في القيامة { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ }: بالإثم ونحو { مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوهيمهم أنها في شرٍّ يصيبهم { وَلَيْسَ }: الشيطان { بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ }: أي: إرادته { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }: فلا يبالوا بنجواهم.