الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ }

{ أَوْ كَظُلُمَاتٍ } يعنى انّ الّذين كفروا بالولاية امّا يكونون على صورة الاسلام ويكون عملهم صورة عمل المؤمن او لا يكونون على صورة الاسلام ولا يكون عملهم موافقاً لعمل المؤمن، بل يكون بخلاف الشّريعة وخلاف عمل المؤمن فيكون بصورته مظلماً كما انّه لا يكون له لبّ مثل عمل الكافر السّابق الّذى كان على صورة الاسلام ولم يكن له ايمان، فشبّه اعمالهم المظلمة بظلمات اللّيل ونفوسهم المظلمة ببحرٍ عميقٍ او بعيد السّاحل، واضطرابات نفوسهم بسبب كثرة الآمال والشّهوات وكثرة خوفهم بحسبان كلّ صيحهٍ عليهم بالامواج المتتابعة والمتراكمة، وشبّه الاهوية السّاترة للحقّ عن نظره بالسّحاب السّاترة للشّمس الواقعة فوق البحر فانّها تصير سبباً لشدّة الظلّمة وكثرة الامواج خصوصاً اذا كان معها قطرات من المطر فقال أعمالهم كظلماتٍ { فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ } اى يغشى البحر او العامل { مَوْجٌ } من البحر { مِّن فَوْقِهِ } اى من فوق الموج او البحر او العامل { مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ } هذا الضّمير كالضّمير السّابق { سَحَابٌ } قرئ بالاضافة ومنوّناً { ظُلُمَاتٌ } قرئ بالرّفع مبتدءً ومسوّغه وصفه المستفاد من التّنوين، او خبر مبتدءٍ محذوفٍ، وقرئ بالجرّ وهو على قراءة تنوين سحاب يكون بدلاً من ظلماتٍ { بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ } وهى ظلمة البحر وظلمه اللّيل وظلمة الامواج وظلمة السّحاب { إِذَآ أَخْرَجَ } العامل او اذا اخرج مخرج { يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } يعنى لا يريها ولا يقرب رؤيتها او يريها بعد جهةٍ ومشقّة بعد ان لم يكد يريها فانّه قد يستعمل فى هذا المعنى { وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً } يعنى من لم يهده الله لنوره، وهذا يدلّ على انّ قوله: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } (الى آخره) معادلٌ لقوله { يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ } ولم يقل: من لم يهتد الى نوره؛ للاشعار بانّ الاهتداء الى النّور مسبّب من فعل الله بخلاف الكفر فانّه مسبّب من استعداد العبد والمراد بالنّور الّذى يجعله الله للعباد الولاية الّتى هى كالبذر فى ارض القلب وكالانفحة للبن الوجود وكاللّبّ لجوز الاعمال ولوزها وفستقها، وبها يصير العباد اولى الالباب، والاعمال ذوات الالباب، وبدونها يكون وجود العباد واعمالهم كالجوز الخالى من اللّبّ وهذه هى الّتى لا تدع العباد ان يخرجوا عن طاعة مشايخهم، وهى الّتى اذا قويت وصفّت النّفوس ظهرت بصورة مشايخهم فى قلوبهم وقوله تعالى:نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } [التحريم:8] اشارة الى هذا الظّهور فانّه فى القيامة تصفو النّفوس من حجب المادّة وتظهر ولايتهم بصورة امامهم، وبظهور هذا النّور يكون جميع الخيرات ويدفع جميع الشّرور، وتلك الولاية كسفينة نوح يكون المتوسّل بها آمنا من امواج الفتن وظلمات الزّمن، والى هذه الولاية اشار من قال:
بهر اين فرمود بيغمبر كه من   همجو كشتى ام بطوفان زمن
ما واصحابيم جون كشتىّ نوح   هركه دست اندر زند يابد فتوح

السابقالتالي
2