الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } * { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ }

قوله: { وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } أي: ببلاء وشرّ. قال بعضهم: النصب: الضر في الجسد، والعذاب: ذهاب ماله. وتفسير الحسن بنصب وعذاب في جسده؛ وقد فسّرنا قصته وقصة امرأته في سورة الأنبياء وكيف ذهب ماله.

فأوحى الله إليه أن { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } فركض برجله ركضة وهو لا يستطيع القيام، فإِذا عين فاغتسل منها فأذهب الله ظاهر دائه، ثم مشى على رجليه أربعين ذراعاً، ثم قيل له: اركض برجلك ايضاً، فركض ركضة أخرى فإِذا عين فشرب منها فأذهب الله عنه باطن دائه.

وقال الكلبي: وكساه الله ثياباً جديدة حساناً. وجلس على شاطئ نهر، فجاءت امرأته بطعام قد أصابته، فنظرت فإذا الغار ليس فيه أحد؛ فلم تشك أن السبع قد أكله. فجعلت تستحيي من الرجل وهي ما تعرفه، فقالت: يا عبد الله، أرأيت الذي كان في هذا الغار أين هو؟ قال: أنا هو. قالت: يا عبد الله، لا تسخر مني، فقد كان أمره بخير. فقال: أنا صاحبك، ولم تصدّقه.

فقال: إن لم تصدقيني فاذهبي إلى بيتك ذلك، فإن الله قد أقامه لك، وردّ عليك ولدك، وقد كانوا ثلاثة عشر، وزاد الله له ثلاثة عشر أخرى، وأخرج له حيوانه كلها، وزاده مثلها معها، حتى صار مَلِك دمشق بعدُ.

قال الحسن: فردَّ الله عليه أهله وولده وأمواله من البقر والغنم والحيوان وكل شيء ملكه بعينه، ثم أبقاه الله فيها حتى وهب له من نسولها أمثالها. وهو قوله: { وَوَهَبْنَا لَهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ } فوفّاهم آجالهم. قال بعضهم: مثل السبعين الذين كانوا مع موسى فقال لهم الله: موتوا ثم أحياهم، ومثلالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُواْ ثُمَّ أحْيَاهُمْ } [البقرة: 243] فاستوفوا بقية آجالهم.

وقال الحسن: إن الله أحيى أولاد أيوب بأعيانهم، وأن الله أبقاه فيهم حتى أعطاه الله من نسولهم. وإن إبليس يأتيه يومئذ عياناً، قال: يا أيوب، اذبح لي سخلة من غنمك؛ قال: لا، ولا كفاً من تراب.

ذكروا عن أبي عثمان النهدي قال: سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: لا يبلغ العبد الكفر بالله والإشراك به حتى يصلي لغير الله، أو يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله.

ذكروا عن الحسن أن أيوب لم يبلغه شيء يقوله الناس كان أشد عليه من قولهم: لو كان نبياً ما ابتلي بمثل ما ابتلي به. فدعا الله فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أعمل حسنة في العلانية إلا عملت في السر مثلها، فاكشف عني ما بي من ضر فأنت أرحم الراحمين.

السابقالتالي
2