الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ إذْ } بدل من أحد اليومين بدل كل، وقيل متعلق بالتقى { أنتُم بالعُدْوة } بضم العين عند نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائى، وبكسرها عند ابن كثير، وأبى عمرو، ويعقوب، وبفتحها عند قتادة، والحسن، وذلك كما قال أبو على الفارسى ثلاث لغات والأوليان أولى، وعن بعضهم أنه يجوز فى قراءة الفتح أن يكون تسمية بالمصدر، والخطاب للمؤمنين، والعدوة شفير الوادى، لأنه عد عدا ماءة الوادى أن يتجاوزه، أى منعه، ولأنه عدا الوادى أى أجاوزه، والمراد هنا الأرض الموالية، للشفير، سميت باسمه للمجاوزة، وقرئ العدية بكسر العين وإبدال الواو ياء لضعف الفصل بالساكن بينها وبين الكسرة. { الدُّنْيا } نعت للعدوة وهو وصف مؤنث بألف كالفضلى، ومذكرة اسم تفضيل وهو الأدنى، فهو دال على التفضيل، كما يدل مذكره عليه، وكلاهما من الدنو وهو القرب، كأنه قيل العدوة التى هى أقرب من غيرها، أو هو وصف مؤنث مذكره اسم تفضيل خارج عن التفضيل وهو الأدنى بمعنى القريب، فكأنه قيل العدوة القريبة { وهُم } أى المشركون { بالعُدْوة } فيه القراءات السابقات، والباءان صرفيتان { القُصْوى } البعدى مؤنث الأقصى بمعنى الأبعد الذى هو اسم تفضيل باق على معناه، أو خارج عنه، فالمعنى العدوة التى هى أبعد من غيرها، أو العدوة البعيدة، والقرب والبعد أمران نسبيان، والمعتبر فيهما هنا المدينة، فالعدوة الدنيا ما يلى المدينة، والقصوى ما يلى مكة، والقياس القصيا بالياء كما هو لغة تميم، وكالعليا والدنيا، ولعله اعتبر فيه ما هو الغالب فيه، وهو استعماله غير صفة فلا شذوذ، والحق ما يأتى عن ابن هشام، وذلك أن فعلى بضم الفاء وإسكان العين إذا كان صفة تقلب لامه باء إن كانت واوا تخفيفا. قال ابن هشام وأما قول الحجازيين القصوى فشاذ قياسا، فصح استعمالا، نبه به على الأصل كما فى استحوذ والقود، أى لأن القاعدة استجاد بالنقل والقلب والقاد بالقلب للتحرك بعد فتحه، وإن كان فعلى اسما لم يغير كخزوى اسما لموضع فرقا بين الاسم والصفة، ولم يعكس لأن الصفة أثقل، فكانت بالتخفيف بالقلب أحق وأدعى المرادى أن الصرفيين يبدلون فى الاسم دون الصفة، ويجعلون حزوى شاذا وكذا يجعلون القصوى إذا اعتبر غالب استعمالاته وهو استعماله غير وصف كذا قيل، ولغة الحجاز أكثر استعمالا، وقرأ ابن مسعود إذ أنتم بالعدوة العليا، وهم بالعدوة السفلى. { والرَّكْب } اسم جمع راكب، وقيل جمع، والمراد أبو سفيان ومن معه أو إبلهم، ولا يطلق لما كثر جدا من الجموع، ولا على راكبى غير الإبل، ولا على غير الإبل، وقد يطلق على جماعة المسافرين مطلقا وقول ابن قتيبة الركب العشرة ونحوها، يقضى أنه لا يطلق على الثلاثة والأربعة ونحوهما مما بعد عن العشرة، وليس كذلك فإنه يطلق على الثلاثة فصاعداً ولو إلى أربعين أو أكثر ممال ليس بكثير جدا، قال النبى صلى الله عليه سلم

السابقالتالي
2 3