الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }

يقول تعالى تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهن، أي من المخلوفات، وتنزهه وتعظمه وتبجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته
فَفي كُلِّ شَيْءٍ لهُ آيَةٌ تَدُلُّ على أَنَّهُ واحدُ   
كما قال تعالىتَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } مريم 90 - 91 وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا مسكين بن ميمون مؤذن مسجد الرملة، حدثنا عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى المسجد الأقصى، كان بين المقام وزمزم، جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فطارا حتى بلغ السموات السبع. فلما رجع قال " سمعت تسبيحاً في السموات العلى مع تسبيح كثير سبحت السموات العلى، من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا، سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى ". وقوله { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } أي لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس، لأنها بخلاف لغاتكم، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات، وهذا أشهر القولين، كما ثبت في " صحيح البخاري " عن ابن مسعود أنه قال كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ في يده حصيات، فسمع لهن تسبيح كحنين النحل، وكذا في يد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وهو حديث مشهور في المسانيد. وقال الإمام أحمد حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا زبان عن سهل بن معاذ عن ابن أنس، عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال لهم " اركبوها سالمة، ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها، وأكثر ذكراً لله منه ". وفي " سنن النسائي " عن عبد الله بن عمرو قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع، وقال " نقيقها تسبيح " وقال قتادة عن عبد الله بن أبي عن عبد الله بن عمرو أن الرجل إذا قال لا إله إلا الله، فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله من أحد عملاً حتى يقولها، وإذا قال الحمد لله، فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد قط حتى يقولها، وإذا قال الله أكبر، فهي تملأ ما بين السماء والأرض، وإذا قال سبحان الله، فهي صلاة الخلائق التي لم يدع الله أحداً من خلقه إلا قرره بالصلاة والتسبيح.

السابقالتالي
2 3