الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }

وقوله: { يَوْمَ يَخْرُجُونَ } بيان وتوجيه عن اليوم الأوّل الذي في قوله: { يَوْمُهُمُ الَّذِي يوعَدُونَ } وتأويل الكلام: حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدونه يوم يخرجون مِن الأجداث وهي القبور: واحدها جدث { سِرَاعاً كأنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } ، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْداثِ سِرَاعاً }: أي من القبور سراعاً. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله. وقد بيَّنا الجدث فيما مضى قبل بشواهده، وما قال أهل العلم فيه. وقوله: { إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } يقول: كأنهم إلى عَلَم قد نُصب لهم يستبقون. وأجمعت قرّاء الأمصار على فتح النون من قوله: «نَصْبٍ» غير الحسن البصري، فإنه ذكر عنه أنه كان يضمها مع الصاد وكأن من فتحها يوجه النصب إلى أنه مصدر من قول القائل: نصبت الشيء أنصبه نصباً. وكان تأويله عندهم: كأنهم إلى صنم منصوب يسرعون سعياً. وأما من ضمها مع الصاد فأنه يوجهه إلى أنه واحد الأنصاب، وهي آلهتهم التي كانوا يعبدونها. وأما قوله: { يُوفِضُونَ } فإن الإيفاض: هو الإسراع ومنه قول الشاعر:
لأَنْعَتَنْ نَعامَةً مِيفاضَا   خَرْجاءَ تَغْدو تطْلُبُ الإضَاَضَا
يقول: تطلب ملجأً تلجأ إليه والإيفاض: السرعة وقال رؤبة:
تَمْشِي بنا الجِدّ على أوْفاضٍ   
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن عوف، عن أبي العالية، أنه قال في هذه الآية { كأنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } قال: إلى علامات يستبقون. حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { كأنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } قال: إلى علم يسعون. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { يُوفِضُونَ } قال: يستبقون. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { كأنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } قال: إلى علم يسعون. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: { كأنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } قال: إلى عَلَم يوفضون، قال: يسعون. حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: سمعت أبا عمر يقول: سمعت يحيى بن أبي كثير يقول: { كأنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } قال: إلى غاية يستبقون. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } إلى علم ينطلقون. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } قال: إلى علم يستبقون.

السابقالتالي
2