الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ } * { لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ }

{ فَٱصْبِرْ } يقتضي مسالمة للكفار، نسخت بالسيف { وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ } هو يونس عليه السلام وسماه صاحب الحوت، لأن الحوت ابتلعه، وهو أيضاً ذو النون، والنون هو الحوت، وقد ذكرنا قصته في الأنبياء والصافات، فنهى الله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يكون مثله في الضجر والاستعجال، حين ذهب مغاضباً، وروي أن هذه الآية نزلت لما همَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو على الكفار { إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ } هذا آخر ما جرى ليونس ونداؤه هو قوله في بطن الحوت. لا إلٰه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، والمكظوم الشديد الحزن { لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ } هو جواب لولا، والمنفي هو الذم لا نبذه بالعراء، فإنه قد قال في الصافاتفَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ } [الصافات: 145] فالمعنى لولا رحمة الله لنبذ بالعراء وهو مذموم، لكنه نبذ وهو غير مذموم، وقد ذكرنا العراء في الصافات.