الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } * { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

{ إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ } أي من التعاون على النبي صلى الله عليه وسلم بالإيذاء. يخاطب عائشة وحفصة { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } ، أي زاغت ومالت عن الحق واستوجبتما التوبة. قال ابن زيد: مالت قلوبهما بأن سرهما ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجتناب جاريته. أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن عبد الله بن عباس قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى لهما: { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } ، حتى حج وحججت معه وعدل وعدلت معه بإداوة فتبرَّز ثم جاء، فسكبت على يديه منها، فتوضأ فقلت له: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله عزّ وجلّ لهما: { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا }؟ فقال: واعجباً لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة. ثم استقبل عمر الحديث يسوقه فقال: إني كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي صلى الله عليه وسلم فينزل يوماً وأنزل يوماً فإذا نزلت جئته بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيره وإذا نزل فعل مثل ذلك. وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار فصخبت على امرأتي فراجعتني فأنكرتُ أن تراجعني، فقالت: ولِمَ تنكر أن أراجعك! فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل. فأفزعني وقلت: خابت من فعلت منهن. ثم جمعت علي ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة، فقلت لها: أيْ حفصة أتغاضبُ إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم، فقلت: خبتِ وخسرتِ، أفتأمنين أن يغضب الله تعالى لغضب رسوله فتهلكي لا تستكثري للنبي صلى الله عليه وسلم ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه وسليني ما بدا لك، ولا يغرنَّك أَن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة -. قال عمر: وكنا تحدثنا أن غسان تنغل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته، فرجع إلينا عشاء فضرب بابي ضرباً شديداً وقال: أثمَّ هو؟ ففزعت فخرجت إليه فقال: حدث اليوم أمر عظيم؟ فقلت: ما هو أجاء غسان! قال: لا بل أعظم منه وأهول طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، فقلت: قد خابت حفصة وخسرت كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون.

السابقالتالي
2 3 4