الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ }

{ اليوم } اراد به الزمان الحاضر وما يتصل به من الازمنة الماضية والآتية او يوم النزول { احل لكم الطيبات } وهى ما لم تستخبثه الطباع السليمة وهى طباع اهل المروءة والاخلاق الجميلة او ما لم يدل نص شارع ولا قياس مجتهد على حرمته { وطعام الذين اوتوا الكتاب } اى اليهود والنصارى والمراد بطعامهم ما يتناول ذبائحهم وغيرها { حل لكم } اى حلال وعن ابن عباس انه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال لا بأس وهو قول عامة التابعين وبه اخذ ابو حنيفة واصحابه. وحكم الصابئين حكم اهل الكتاب عنده وقال صاحباه صنفان صنف يقرأون الزبور ويعبدون الملائكة وصنف لا يقرأون كتابا ويعبدون النجوم فهؤلاء ليسوا من اهل الكتاب واما المجوس فقد سن بهم سنة اهل الكتاب فى اخذ الجزية منهم دون اكل ذبائحهم ونكاح نسائهم لقوله عليه السلام " سنوا بهم سنة اهل الكتاب غير ناكحى نسائهم ولا آكلى ذبائحهم ". ولو ذبح يهودى او نصرانى على اسم غير الله كالنصرانى يذبح باسم المسيح فذهب اكثر اهل العلم الى انه يحل فان الله قد احل ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون. وقال الحسن اذا ذبح اليهودى او النصرانى فذكر اسم غير الله وانت تسمع فلا تأكله واذا غاب عنك فقد احل الله لك { وطعامكم حل لهم } فلا عليكم ان تطعموهم وتبيعوه منهم ولو حرم عليهم لم يجز ذلك { والمحصنات من المؤمنات } رفع على انه مبتدأ حذف خبره لدلالة ما تقدم عليه اى حل لكم ايضا والمراد بهن الحرائر والعفائف وتخصيصهن بالذكر للبعث على ما هو الاولى لا لنفى ما عداهن فان نكاح الاماء المسلمات صحيح بالاتفاق وكذا غير العفائف منهن واما الاماء الكتابيات فهن كالمسلمات عند ابى حنيفة خلافا للشافعى { والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم } اى هن ايضا حل لكم وان كن حربيات وقال ابن عباس رضى الله عنهما لا تحل الحربيات. قال الحدادى واستدل بعض الفقهاء بظاهر الآية على انه لا يجوز للمسلم نكاح الامة الكتابية والصحيح انه يجوز بظاهر قوله تعالىباذن أهلهن } النساء 25. بدليل حل ذبائحهن وانما خص الله المحصنات باباحة نكاحهن مع جواز نكاح غيرهن لان الآية خرجت مخرج الامتنان والمنة فى نكاح الحرائر العفائف اعظم واتم يدل على ذلك انه لا خلاف فى جواز النكاح بين المسلم والامة المؤمنة وان كان فى الآية تخصيص المحصنات من المؤمنات والافضل لمن اراد النكاح ان لا يعدل عن نكاح الحرائر الكتابيات مع القدرة عليهن وذلك ان نكاح الامة يؤدى الى ارقاق الولد لان الولد يتبع امه فى الرق والحرية ولا ينبغى لاحد ان يختار رق ولده كما لا ينبغى ان يختار رق نفسه { اذا آتيتموهن اجورهن } اى مهورهن وتقييد الحل بايتائها لتأكيد وجوبها والحث على الاولى واذا ظرفية عاملها حل المحذوف { محصنين } حال من فاعل آتيتمونهن اى حال كونكم اعفاء بالنكاح وكذا قوله { غير مسافحين } اى غير مجاهرين بالزنى { ولا متخذى اخدان } اى ولا مسرين به والخدن الصديق يقع على الذكر والانثى.

السابقالتالي
2 3