الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً }

{ فَوَسَطْنَ بِهِ } أي فتوسطن في ذلك الوقت { جَمْعاً } من جموع الأعداء وجوز فيه وفي بائه نحو ما تقدم في { بِه } [العاديات: 4] قبله وجوز أيضاً كون الضمير للنقع والباء للملابسة أي فتوسطن ملتبسات بالنقع جمعاً أو هي على ما قيل للتعدية إن أريد أنها وسطت الغبار، والفاآت كما في «الإرشاد» للدلالة على ترتيب ما بعد كل منها على ما قبله فتوسط الجمع مترتب على الإثارة المترتبة على الإيراء المترتب على العدو.

وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة (فأثرن) و(فوسطن) بتشديد الثاء والسين وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وزيد بن علي وقتادة وابن أبـي ليلى الأول: كالجمهور والثاني: كذين والمعنى على تشديد الأول فأظهرن به غباراً لأن التأثير فيه معنى الإظهار وعلى تشديد الثاني على نحو ما تقدم فقد نقلوا أن وسط مخففاً ومثقلاً بمعنى واحد وأنهما لغتان وقال ابن جني: المعنى ميزن به جمعاً أي / جعلنه شطرين أي قسمين وشقين. وقال الزمخشري التشديد فيه للتعدية والباء مزيدة للتأكيد كما في قوله تعالىوَأُتُواْ بِهِ } [البقرة: 25] في قراءة وهي مبالغة في (وسطن) وجَوَّزَ أن يكون قلب ثورن إلى وثرن ثم قلبت الواو همزة فالمعنى على ما مر وهو تمحل مستغنى عنه.

وعن السدي ومحمد بن كعب وعبيد بن عمير أنهم قالوا العاديات هي الإبل تعدو ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى ونسب إلى علي كرم الله تعالى وجهه فقد أخرج ابن جرير وابن أبـي حاتم وابن الأنباري في كتاب «الأضداد» وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس قال بينما أنا في الحجر جالس إذ أتاني رجل فسألني عن العاديات ضبحاً فقلت الخيل حين تغير في سبيل الله تعالى ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم فانفتل عني فذهب إلى علي بن أبـي طالب رضي الله تعالى عنه وهو جالس تحت سقاية زمزم فسأله عن العاديات ضبحاً فقال سألت عنها أحداً قبلي؟ قال نعم سألت عنها ابن عباس فقال هي الخيل حين تغير في سبيل الله تعالى فقال اذهب فادعه لي فلما وقفت على رأسه قال تفتي الناس بما لا علم لك به والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام لبدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود فكيف تكون العاديات ضبحاً؟ إنما العاديات ضبحاً الإبل تعدو من عرفة إلى المزدلفة فإذا أووا إلى المزدلفة أوروا النيران والمغيرات صبحاً من المزدلفة إلى منى فذلك جمع وأما قوله تعالى: { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } فهو نقع الأرض حين تطؤها بخفافها قال ابن عباس فنزعت عن قولي إلى قول علي كرم الله تعالى وجهه ورضي الله تعالى عنه.

السابقالتالي
2