الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً }

قوله تعالى: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } الدعاء: النداء إلى المحشر بكلام تسمعه الخلائق، يدعوهم الله تعالى فيه بالخروج. وقيل: بالصيحة التي يسمعونها فتكون داعية لهم إلى الاجتماع في أرض القيامة. قال صلى الله عليه وسلم: " إنكم تُدْعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم ". { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي باستحقاقه الحمد على الإحياء. وقال أبو سهل: أي والحمد لله كما قال:
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر   لبِسْتُ، ولا من غَدْرة أتقنّع
وقيل: حامدين لله تعالى بألسنتكم. قال سعيد بن جُبير: تخرج الكفار من قبورهم وهم يقولون سبحانك وبحمدك ولكن لا ينفعهم اعتراف ذلك اليوم. وقال ابن عباس: «بحمده» بأمره أي تقرّون بأنه خالقكم. وقال قتادة: بمعرفته وطاعته. وقيل: المعنى بقدرته. وقيل: بدعائه إياكم. قال علماؤنا: وهو الصحيح فإن النفخ في الصور إنما هو سبب لخروج أهل القبور وبالحقيقة إنما هو خروج الخلق بدعوة الحق، قال الله تعالى: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } فيقومون يقولون سبحانك اللهم وبحمدك. قال: فيوم القيامة يوم يُبدأ بالحمد ويُختم به قال الله تعالى «يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده» وقال في آخرهوَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الزمر: 75]. { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً }. يعني بين النفختين وذلك أن العذاب يُكفّ عن المعذَّبين بين النفختين، وذلك أربعون عاماً فينامون فذلك قوله تعالى:مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } [يۤس: 52] فيكون خاصاً للكفار. وقال مجاهد: للكافرين هَجْعة قبل يوم القيامة يجدون فيها طعم النوم، فإذا صِيح بأهل القبور قاموا مذعورين. وقال قتادة: المعنى أن الدنيا تحاقرت في أعينهم وقلّت حين رأوا يوم القيامة. الحسن: «وتَظُنُّون إن لبثتم إلا قليلاً» في الدنيا لطول لبثكم في الآخرة.