الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ }

{ قَالُواْ } أي في ابتداء بعثهم من القبور { يَا وَيْلَنَا } أي هلاكنا أحضر فهذا أوانك وقيل أي يا قومنا انظروا ويلنا وتعجبوا منه. وعلى حذف المنادى قيل وي كلمة تعجب ولنا بيان ونسب للكوفيين وليس بشيء. وقرأ ابن أبـي ليلى (يا ويلتنا) بتاء التأنيث، وعنه أيضاً { يا ويلتى } بتاء بعدها ألف بدل من ياء الإضافة، والمراد أن كل واحد منهم يقول يا ويلتي { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } أي رقادنا على أنه مصدر ميمي أو محل رقادنا على أنه اسم مكان ويراد بالمفرد الجمع أي مراقدنا، وفيه تشبيه الموت بالرقاد من حيث عدم ظهور الفعل والاستراحة من الأفعال الاختيارية، ويجوز أن يكون المرقد على حقيقته والقوم لاختلاط عقولهم ظنوا أنهم كانوا نياماً ولم يكن لهم إدراك لعذاب القبر لذلك فاستفهموا عن موقظهم، وقيل سموا ذلك مرقداً مع علمهم بما كانوا يقاسون فيه من العذاب لعظم ما شاهدوه فكأن ذلك مرقد بالنسبة إليه فقد روي أنهم إذا عاينوا جهنم وما فيها من ألوان العذاب يرون ما كانوا فيها مثل النوم في جبنها فيقولون ذلك. وأخرج الفريابـي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبـي حاتم عن أبـي بن كعب أنه قال: ينامون قبل البعث نومة، وأخرج هؤلاء ما عدا ابن جرير عن مجاهد قال: للكفار هجعة يجدون فيها طعم النون قبل يوم القيامة فإذا صيح بأهل القبور يقولون { يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } وروي عن ابن عباس أن الله تعالى يرفع عنهم العذاب بين النفختين فيرقدون فإذا بعثوا بالنفخة الثانية وشاهدوا الأهوال قالوا: ذلك. وفي " البحر " أن هذا غير صحيح الإسناد واختار أن المرقد استعارة عن مضجع الموت.

وقرأ أمير المؤمنين علي وابن عباس والضحاك وأبو نهيك { مَن بَعَثَنَا } بمن الجارة والمصدر المجرور وهو متعلق بويل أو بمحذوف وقع حالاً منه. ونحوه في الخبر.
ويلي عليك وويلي منك يا رجل   
و (من) الثانية متعلق ببعث. وعن ابن مسعود أنه قرأ { من أهبنا } بمن الاستفهامية وأهب بالهمزة من هب من نومه إذا انتبه وأهببته أنا أي أنبهته. وعن أبـي أنه قرأ { هبنا } بلا همز قال ابن جني: وقراءة ابن مسعود أقيس فهبني بمعنى أيقظني لم أر لها أصلاً ولا مر بنا في اللغة مهبوب بمعنى موقظ اللهم إلا أن يكون حرف الجر محذوفاً أي هب بنا أي أيقظنا ثم حذف وأوصل الفعل، وليس المعنى على من هب فهببنا معه وإنما معناه من أيقظنا، وقال البيضاوي: هبنا بدون الهمز بمعنى أهبنا بالهمز، وقرىء { من هبنا } بمن الجارة والمصدر من هب يهب.

السابقالتالي
2