الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

لما أمر تعالى بتعظيم رسوله صلى اللّه عليه وسلم، والصلاة والسلام عليه، نهى عن أذيته، وتوعد عليها فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وهذا يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تنقص له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى. { لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا } أي: أبعدهم وطردهم، ومن لعنهم [في الدنيا]، أنه يحتم قتل من شتم الرسول صلى الله عليه وسلم، وآذاه. { وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } جزاء له على أذاه، أن يؤذى بالعذاب الأليم، فأذية الرسول ليست كأذية غيره، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يؤمن العبد باللّه، حتى يؤمن برسوله صلى اللّه عليه وسلم. وله من التعظيم الذي هو من لوازم الإيمان، ما يقتضي ذلك أن لا يكون مثل غيره. وإن كانت أذية المؤمنين عظيمة، وإثمها عظيماً، ولهذا قال فيها: { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } أي: بغير جناية منهم موجبة للأذى { فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ } على ظهورهم { بُهْتَاناً } حيث آذوهم بغير سبب { وَإِثْماً مُّبِيناً } حيث تعدوا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر اللّه باحترامها. ولهذا كان سبُّ آحاد المؤمنين موجباً للتعزير، بحسب حالته وعلو مرتبته، فتعزير مَنْ سبَّ الصحابة أبلغ، وتعزير مَنْ سبَّ العلماء وأهل الدين أعظم من غيرهم.