الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً }

{ وان } نافية { من } استغراقية { قرية } ديهى وشهرى. قال المولى ابو السعود رحمه الله المراد بها القرية الكافرة اى ما من قرية الكفار { الا نحن مهلكوها } اى مخربوها البتة بالخسف بها او باهلاك اهلها بالكلية لما ارتكبوا من عظائم المعاصى الموجبة لذلك { قبل يوم القيامة } لان الهلاك يومئذ غير مختص بالقرى الكافرة ولا هو بطريق العقوبة وانما هو لانقضاء عمر الدنيا { او معذبوها } اى معذبوا اهلها على الاسناد المجازى { عذابا شديدا } بالقتل والقحط والزلالزل ونحوها من البلاء الدنيوية والعقوبات الاخروية لان التعذيب. مطلق عما قيد به الاهلاك من قبلية يوم القيامة وكثير من القرى العاصية قد اخرت عقوبتها الى يوم القيامة هذا ما ذهب اليه المولى ابو السعود رحمه الله. يقول الفقير لا يخفى ان هذا التعميم لا يناسب سوق الآية وقيد القبيلة معتبر فى الشق الثانى ايضا وهو لا ينافى العذاب الشديد الواقع بعد يوم القيامة حسبما افصح عنه القاطع فالوجه حمل الاهلاك على الاستئصال والتعذيب على انواع البلية التى هى اشد من الموت وعمم فى بحر العلوم القرية يدل عليه ايراده قوله عليه السلام " ان امتى امة مرحومة انما جعل عذابها فى القتل والزلازل والفتن " وقوله عليه السلام " ان حظ امتى من النار بلاها تحت الارض " وقد قيل الهلاك للقرى الصالحة والعذاب للطالحة قالوا خراب مكة من الحبشة وخراب المدينة من الجوع وخراب البصرة من الغرق وخراب ايلة من العراق وخراب الجزيرة من الجبل وخراب الشام من الروم وخراب مصر من انقطاع النيل وخراب الاسكندرية من البربر وخراب الاندلس من الروم وخراب فارس من الزلازل وخراب اصفهان من الدجال وخراب نهاوند من الجبل وخراب خراسان من حوافر الخيل وخراب الرى من الديلم وخراب الديلم من الارمن وخراب الارمن من الخزر وخراب الخزر من الترك وخراب الترك من الصواعق وخراب السند من الهند وخراب الهند من اهل السد يأجوج ومأجوج - روى - عن وهب بن منبه ان الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب ارمينية وارمينية آمنة حتى تخرب مصر ومصر آمنة حتى تخرب الكوفة ولا تكون الملحمة الكبرى حتى تخرب الكوفة واذا كانت الملحمة الكبرى فتحت قسطنطينية على يدى رجل من بنى هاشم { كان ذلك } الذى ذكر من الهلاك والتعذيب { فى الكتاب } اى اللوح المحفوظ { مسطورا } مكتوبا لم يغادر منه شئ الا بين فيه كيفياته واسبابه الموجبة له ووقته المضروب له وفى الحديث " اول شئ خلق الله القلم من نور فاخذه بيمنيه وكلتا يديه يمين والقلم مسيرة خمسمائة عام واللوح مثله فقال للقلم اجر فجرى بما هو كائن الى يوم القيامة برها وفاجرها رطبها ويابسها فصدقوا بما بلغكم عن الله من قدرته "

السابقالتالي
2