الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

شرح الكلمات:

وما أفاء الله على رسوله منهم: أي وما رد الله ليد رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال بني النضير.

فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب: أي أسرعتم في طلبه والحصول عليه خيلاً ولا إبلاً أي لم تعانوا فيه مشقة.

ولكن الله يسلط رسله على من يشاء: أي وقد سلط رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم على بني النضير ففتح بلادهم صلحاً.

وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى: أي وما رد الله على رسوله من أموال أهل القرى التي لم يوجف عليها بخيلٍ ولا رِكابٍ.

فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل: أي لله جزء وللرسول جزء ولقرابة الرسول جزء ولليتامى جزء وللمساكين جزء ولابن السبيل جزء تقسم على المذكورين بالسوية.

كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم: أي كيلا يكون المال متداولاً بين الأغنياء الأقوياء ولا يناله الضعفاء والفقراء.

وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا: أي وما أعطاكم الرسول وأذن لكم فيه أو أمركم به فخذوه وما نهاكم عنه وحظره عليكم ولم يأذن لكم فيه فانتهوا عنه.

واتقوا الله إن الله شديد العقاب: أي واتقوا الله فلا تعصوه ولا تعصوا رسوله واحذروا عقوبة الله على معصيته ومعصية رسوله فإن الله شديد العقاب.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في غزوة بني النضير إنه بعد الصلح الذي تم بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تركوا حوائطهم أي بساتينهم فيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورغب المسلمون في تلك البساتين ورأى بعضهم أنها ستقسم عليهم كما تقسم الغنائم فأبى الله تعالى ذلك عليهم وقال: { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } أي وما رد الله تعالى على رسوله من مال بني النضير. وكلمة ردّ تفسير لكلمة أفاء لأن الفيء الظل يتقلص ثم يرجع أي يُردّ وأموال بني النضير الأصل فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن بني النضير عاهدوا رسول الله وبمقتضى المعاهدة أبقى عليهم أموالهم فإِذا نقضوا العهد وخانوا لم يستحقوا من المال شيئاً لا سيما وأنهم تآمروا على قتله وكادوا ينفذون جريمتهم التي تحملوا تبعتها ولو لم ينفذوها وبداية القضية كالتالي:

أن المعاهدة التي تمت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين بني النضير من جملة بنودها أن يؤدوا مع الرسول ما يتحمل من ديات. وبعد وقعة أحد بنصف سنة حدث أن عمرو بن أمية الضمري قتل خطأ رجلين من بني كلب أو بني كلاب فجاء ذووهم يطالبون بديتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو المسئول عن المسلمين فخرج صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير في قريتهم التي تبعد عن المدينة بميلين يطالب بالإِسهام في دية الرجلين الكلابيين بحكم المعاهدة فلما انتهى إليهم أنزلوه هو وأصحابه بأحسن مجلس وقالوا ما تطلبه هو لك يا أبا القاسم ثم خلوا بأنفسهم وقالوا إن الفرصة سانحة للتخلص من الرجل فجاءوا برحىً " مطحنة " من صخرة وطلعوا بها إلى سطح المنزل وهموا أن يسقطوها على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الجدار مع أصحابه، وقبل أن يسقطوا الرحى أوحى الله إلى رسوله أن قم من مكانك فإن اليهود أرادوا إسقاط حجرعليك ليقتلوك فقام صلى الله عليه وسلم على الفور وتبعه أصحابه وسقط في أيدي اليهود.

السابقالتالي
2 3