الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } تكرير لوجوب التأسي بإبراهيم وأصحابه، لمزيد الحث على التبرؤ من المشركين، والاسترسال إليهم. فإن محبة المفسدين فيها تخريب لمباني الحق، وتوهين لقوى أهله، وتشكيك لضعفاء القلوب مما يفسد عمل المصلحين، ويزلزل مساعيهم، ويفتن أعداءهم بهم؛ لذلك كان البغض في الله من شُعَب الإيمان؛ لأن الحق لا يقوى إلا باعتصاب أهله على كلمته، ورمي أعدائه عن قوس واحدة. وفي إبدال { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } من { لَكُمْ } دلالة على أنه لا ينبغي لمؤمن أن يترك التأسي بهم، وأن تركه مؤذن بسوء العقيدة. ولذلك عقبه بقوله: { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } أي: من يتولّ عما أُمِر به، ويوالي أعداء الله، ويلقي إليهم بالمودّة فإنه لا يضرّ إلا نفسه، والله هو الغنيّ عن إيمانه به وطاعته المحمود على كل حال.