الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ عُذْراً أَوْ نُذْراً }

قوله: { عُذْراً أَوْ نُذْراً }: فيهما أوجهٌ، أحدُها: أنَّهما بدلانِ مِنْ " ذِكْراً ". الثاني: أنهما منصوبان به على المفعوليةِ، وإعمالُ المصدرِ المنوَّنِ جائزٌ. ومنهأَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً } [البلد: 14 - 15]. الثالث: أنَّهما مفعولان مِنْ أجلِهما، والعاملُ فيه: إمَّا " المُلْقِيات " ، وإمَّا " ذِكْراً "؛ لأنَّ كُلاًّ منهما يَصْلُحُ أَنْ يكونَ مَعْلولاً بأحدِهما، وحينئذٍ يجوزُ في " عُذْراً " و " نُذْراً " وجهان، أحدُهما: أَنْ يكونا مصدرَيْنِ بسكونِ العينِ كالشُّكر والكُفْر. والثاني: أَنْ يكونا جمعَ عَذِير ونَذِير، المرادِ بهما المصدرُ بمعنى: الإِعذارِ والإِنذارِ، كالنَّكير بمعنى الإِنكار. الرابع: أنَّهما منصوبان على الحالِ من " المُلْقِيات " ، أو من الضمير فيها، وحينئذٍ يجوزُ أَنْ يكونا مصدرَيْنِ واقعَيْنِ مَوْقِعَ الحالِ بالتأويلِ المعروفِ في أمثاله، وأَنْ يكونا جمعَ عذيرٍ ونذيرٍ مُراداً بهما المصدرُ، أو مراداً بهما اسمُ الفاعلِ بمعنى: المُعْذِر والمُنْذِر، أي: مُعْذِرين أو مُنْذِرين.

وقرأ العامَّةُ بسكونِ الذالِ مِنْ " عُذْراً " و " نُذْراً ". وقرأ زيدُ ابن ثابت وابن خارجة وطلحةُ بضمِّها والحَرَميَّان وابنُ عامر وأبو بكر بسكونِها في " عُذْراً " وضمِّها في " نُذُراً ". والسكونُ والضمُّ ـ كما تقدَّمَ ـ في أنَّه يجوزُ أَنْ يكونَ كلُّ منهما أصلاً للآخرِ، وأَنْ يكونا أصلَيْنِ، ويجوز في كلٍ من المثقَّلِ والمخفَّفِ أن يكونَ مصدراً، وأَنْ يكونَ جمعاً سَكَنَتْ عينُه تخفيفاً. وقرأ إبراهيم التيمي " عُذْراً ونُذْراً " بواو العطفِ موضعَ " أو " ، وهي تدلُّ على أنَّ " أو " بمعنى الواو.