الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } * { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً }

{ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } ، يعني آدم عليه السلام وذريته. { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ في كَبَدٍ } ، روى الوالبيُّ عن ابن عباس: في نَصَب. قال الحسن: يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. وقال قتادة: في مشقة فلا تلقاه إلا يكابد أمر الدنيا والآخرة. وقال سعيد بن جبير: في شدة. وقال عطاء عن ابن عباس: في شدة خلق حمله وولادته ورضاعه، وفطامه وفصاله ومعاشه وحياته وموته. وقال عمرو بن دينار: عد نبات أسنانه. قال يمان: لم يخلق الله خلقاً يكابد ما يكابد ابن آدم، وهو مع ذلك أضعف الخلق. وأصل الكَبَد: الشدة. وقال مجاهد وعكرمة وعطية والضحاك: يعني منتصباً معتدل القامة، وكل شيء خلق فإنه يمشي مكباً وهي رواية مقسم عن ابن عباس: وأصل الكبد: الاستواء والاستقامة. وقال ابن كيسان: منتصباً رأسه في بطن أمه فإذا أذن الله له في خروجه انقلب رأسه إلى رجلي أمه. وقال مقاتل: " في كبد " أي في قوة. نزلت في أبي الأشدين واسمه أسيد بن كلدة الجمحي، وكان شديداً قوياً يضع الأديم العكاظي تحت قدميه فيقول: من أزالني عنه فله كذا وكذا، فلا يطاق أن ينزع من تحت قدميه إلا قطعاً ويبقى موضع قدميه. { أَيَحْسَبُ } ، يعني أبا الأشدين من قوته، { أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } ، أي: يظن من شدته أن لن يقدر عليه الله تعالى. وقيل: هو الوليد بن المغيرة. { يَقُولُ أَهْلَكْتُ } ، يعني أنفقت، { مَالاً لُّبَداً } ، أي كثيراً بعضه على بعض من التلبيد في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، قرأ أبو جعفر لُبَّداً بتشديد الباء على جمع لابد، مثل راكع ورُكَّع، وقرأ الآخرون بالتخفيف على جمع " لِبْدَة " ، وقيل على الواحد مثل قُثِم وحُطَم.