الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } * { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً }

قوله تعالى: { يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ }.

مادة يشرب تتعدى بنفسها، فيقال: يشرب كأساً بدون مجيء من، ومن للتبعيض، وللابتداء، فقيل: هي هنا للابتداء، وأن الفعل مضمن معنى فعل آخر، وهو يتنعمون ويرتوون كما قالوا في عيناً يشرب بها عباد الله. إذ الباء تكون للإرادة ولا إرادة هنا، فهم يتنعمون بها.

والذي يظهر أن من للتبعيض فعلاً، وأن شرب أهل الجنة على سبيل الترفه والتلذذ، وهي عادة المترفين المنعمين، يشربون بعض الكأس لا كله.

وقد دل على ذلك أنهم لا يشربون عن ظمإ كما في قوله تعالى لآدمإِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُاْ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } [طه: 118-119]، وسيأتي تعدية يسقون بنفسها إلى الكأسوَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً } [الإنسان: 17]، ويأتي قوله تعالىوَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [الإنسان: 21].

ويؤيد هذا اتفاقهم على التضمين فيعَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } [الإنسان: 6]، فهو هنا واضح.

وهناك التبعيض ظاهر.