الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }

{ مُبْصِـراً } من الإسناد المجازي، لأن الإبصار في الحقيقة لأهل النهار. فإن قلت لم قرن الليل بالمفعول له. والنهار بالحال؟ وهلا كانا حالين أو مفعولاً لهما فيراعي حق المقابلة؟ قلت هما متقابلان من حيث المعنى، لأن كل واحد منهما يؤدي مؤدى الآخر، لأنه لو قيل لتبصروا فيه، فاتت الفصاحة التي في الإسناد المجازي، ولو قيل ساكناً - والليل يجوز أن يوصف بالسكون على الحقيقة، ألا ترى إلى قولهم ليل ساج، وساكن لا ريح فيه - لم تتميز الحقيقة من المجاز. فإن قلت فهلا قيل لمفضل، أو لمتفضل؟ قلت لأن الغرض تنكير الفضل، وأن يجعل فضلاً لا يوازيه فضل، وذلك إنما يستوي بالإضافة. فإن قلت فلو قيل ولكن أكثرهم، فلا يتكرر ذكر الناس؟ قلت في هذا التكرير تخصيص لكفران النعمة بهم، وأنهم هم الذين يكفرون فضل الله ولا يشكرونه، كقولهإِنَّ ٱلإِنْسَـٰنَ لَكَفُورٌ } الزخرف 15إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } العاديات 6،إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } إبراهيم 34.