الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

قوله تعالى: { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ } قال ابن عباس: لما أنزل الله تعالى:يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ } [النساء: 29] تحرّج المسلمون عن مُؤاكلة المرضى والعُمْي، وقالوا: الطعام أفضل الأموال، وقد نهى الله تعالى عن أكل المال بالباطل، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب، والمريض لا يستوفي الطعام، والأعرج والزَّمِن لا يستطيع المزاحمة على الطعام، فنزلت هذه الآية.

فعلى هذا يكون المعنى: ليس عليكم في مؤاكلة الأعمى والأعرج والمريض حرج.

وقال سعيد بن المسيب: كانوا - يعني: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - إذا خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إذا احتاجوا، فكانوا يَتَّقُون أن يأكلوا منها ويقولون: نخشى أن لا تكون أنفسهم بذلك طيبة، فنزلت هذه الآية رُخصةً لهم.

وقال مجاهد: كان قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن عندهم ما يُطعمون المريض والزَّمِن ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم وبعض من سَمَّى الله عز وجل في هذه الآية، فتحرّج أهل الزَّمَانَة من ذلك وقالوا: إنما يذهبون بنا إلى غير بيوتهم.

وقال الحسن البصري: نزلت في إسقاط الجهاد عن أهل الزّمانة المذكورين في الآية.

فعلى هذا تمَّ الكلام عند قوله: { وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ }.

ثم ابتدأ كلاماً آخر لا تعلق له بالأول إلا فيما وقع فيه الاشتراك من نفي الحرج فقال: { وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ } أي: من أموال عيالكم وأزواجكم.

وقيل: الخِطَاب للخَدَم والأولاد والزوجة ومن يشتمل عليه مَنزلُ الرَّجُل، أذنَ الله لهم في الأكل من مال صاحب البيت.

ونَسَبَ البيوت إليهم؛ لاختصاصهم بها.

وقيل: أراد: أن تأكلوا من بيوت أولادكم، فَنَسَبَ إلى الآباء؛ لأن الولد وماله لأبيه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أحَلُّ ما أكَلَ الرجل من كَسْبه، وإن ولده من كَسْبه "

فإن قيل: هلاَّ ذكر الأولاد؟

قلتُ: إن لم يكن المراد بقوله: { مِن بُيُوتِكُمْ } بيوت الأولاد، أو يكون الكلام متضمناً لهم، [وإلا] فالإذن في الأكل من بيوت من عَدَّدَ من القرابة في الآية مع بُعْدِهِم إذنٌ في جواز الأكل من بيوت الأولاد مع قُربهم بطريق الأولى.

قوله تعالى: { أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ } يعني: خزائنه، وقد سبق ذكر المفاتح في الأنعام.

قال ابن عباس: هو وكيل الرجل وقَيِّمُه في ضيعته وماشيته لا بأس عليه أن يأكل من ثمر حائطه، ويشرب من لبن ماشيته.

فعلى هذا؛ المراد بملك المفاتح: كونها في يده وحفظه وتحت تصرفه.

السابقالتالي
2