الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

[9] إباحة الأكل من بيوت الأقرباء

التحليل اللفظي

{ حَرَجٌ }: قال الزجّاج: الحَرَج في اللغة الضيق، وفي الشرع: الإثم. قال تعالى:لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ } [الأحزاب: 37] والمتحرّج: الكافّ عن الإثم، وفي الحديث " حدّثُوا عن بني إسرائيل ولا حرج " وتحرّج تأثّم، والتحريجُ: التضييق.

قال ابن الأثير: الحرج في الأصل الضّيقُ ويقع على الإثم والحرام، وقيل الحَرَج: أضيق الضيق، ومعنى الحديث لا بأس ولا إثم عليكم أن تحدّثوا عنهم ما سمعتم. وقد ورد الحرج في أحاديث كثيرة وكلها راجعة إلى هذا المعنى.

وفي التنزيل:يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } [الأنعام: 125] أي شديد الضيق لا ينشرح لخير.

{ مَّفَاتِحهُ }: جمع مِفْتحَ، وأمّا المفاتيح فجمع مفتاح، قال في " لسان العرب ": والمفتح، بكسر الميم والمفتاح: مفتاح الباب وكل ما فتح به الشيء، قال الجوهري: وكل مستغلق. وفي التنزيلوَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ } [القصص: 76] قيل هي مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب، وقيل: هي الكنوز والخزائن.

قال الأزهري: والأشبه في التفسير أن قوله تعالى: { مَّفَاتِحهُ } خزائن ماله، والله أعلم بما أراد.

{ أَشْتَاتاً }: متفرقين جمع شَتّ، والشتات: الفرقة، وتشتّت جمعهم: أي تفرّق جمعهم، قال الطرماح:
شتّ شعبُ الحيّ بعدَ التئامِ   وشَجَاكَ الرّبْعُ ربعُ المُقَام
قال في " لسان العرب ": الشَتّ: الافتراق والتفريق، والشّتيتُ المتفرّق، وفي التنزيليَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } [الزلزلة: 6] أي يصدرون متفرقين، منهم من عمل صالحاً، ومنهم من عمل شراً. وجاء القوم أشتاتاً: متفرقين، واحدهم شَتّ.

ومعنى الآية؛ أي ليس عليكم إثم أو جناح أن تأكلوا مجتمعين أو متفرقين.

{ فَسَلِّمُواْ }: من التسليم بمعنى التحية، والمعنى: حيّوا بعضكم بعضاً بتحية الإسلام، وتحية الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله) وفي الحديث " وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " والتسليم: مشتق من السّلام اسم الله تعالى، لسلامته من العيب والنقص.

قال في " اللسان ": السلام والتحية معناهما واحد، وهو السلامة من جميع الآفات، وفي حديث التسليم: " قل السلام عليك، فإن عليك السلام تحيةُ الموتى " وقد جرت به عادتهم في المراثي كانوا يقدّمون ضمير الميت على الدعاء له كقوله: " عليك سلام الله قيسَ بن عاصم ".

وفي حديث أبي هريرة: " لما خلق الله آدم قال: اذهب فسلّم على أولئك النفر من الملائكة، فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال: " السلام عليكم... " الحديث.

{ تَحِيَّةً }: قال الزجّاج: هي منصوبة على المصدر كقولك: قعدت جلوساً، لأن قوله: (فسلّموا) بمعنى فحيّوا، ومعنى الآية: فحيّوا بعضكم بعضاً تحية من عند الله مباركة طيبة. والتحية في اللغة: السلام، قال تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7