الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة } بيان لما اولاهم من خيرات الدارين بعد بيان انجائهم من شرورهما ومكارههما. ولجملة مستأنفة كأنه قيل هل لهم وراء ذلك من نعمة وكرامة فقيل لهم ما يسرهم فى الدارين وتقديم الاول لما ان التخلية سابقة عن التحلية. والبشرى مصدر اريد به من الخيرات العاجلة كالنصر والفتح والغنيمة وغير ذلك والآجلة الغنية عن البيان والظرفان فى موقع الحال منه والعامل ما فى الخبر من معنى الاستقرار اى لهم البشرى حال كونها فى الحياة الدنيا وحال كونها فى الآخرة اى عاجلة وآجلة او من الضمير المجرور اى حال كونهم فى الحياة لخ ومن البشرى العاجلة الثناء الحسن والذكر الجميل ومحبة الناس هذا ما اختاره المولى ابو السعود بناء على انها بشارة ناجزة مقصودة بالذات. وقيل البشرى مصدر والظرفان متعلقان به اما البشرى فى الدنيا فهى البشارات الواقعة للمؤمنين المتقين فى غير موضع من الكتاب المبين وعن النبي عليه السلام " هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له " اى يراها مسلم لاجل مسلم آخر ولا يخفى ان كون الرؤيا الصالحة مبشرة للمؤمنين يمنع ان تكون بنبوة فتكون بوجه آخر من صلاح وتنبيه غفلة وفرح وغيرها كما فى شرح المشارق لابن الملك وهذه البشارة لا تحصل الا لاولياء الله لانهم مستغرقوا القلب والروح فى ذكر الله ومعرفة الله فمنامهم كاليقظة لا يفيد الا الحق واليقين واما من يكون متوزع الخاطر على احوال هذا العالم الكدر المظلم فانه لا اعتماد على رؤياه. وفى التأويلات النجمية لهم المبشرات التى هى تلو النبوة من الوقائع التى يرون بين النوم واليقظة والالهامات والكشوف وما يرده عليهم من المواهب والمشاهدات كما قال عليه السلام " لم يبق من النبوة الا المبشرات " انتهى وفى الحديث " الرؤيا الصادقة من الرجل الصالح جزء من ستة واربعين جزء من النبوة " ومعناه ان النبي عليه السلام حين بعث اقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين فمدة الوحى اليه فى اليقظة ثلاث وعشرون سنة ومدة الوحى فى المنام ستة اشهر من ثلاث وعشرين سنة فهى جزء من ستة واربعين جزأ وانما ابتدئ رسول الله بالرؤيا لئلا يفجأه الملك بالرسالة فلا تتحملها القوى البشرية فكانت الرؤيا تأنيسا له. وقال بعضهم لهم البشرى عند الموت تأتيهم الملائكة بالرحمة. واما البشرى فى الآخرة فتلقى الملائكة اياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة وما يرون من بياض وجوههم واعطاء الصحف بايمانهم وما يقرأون منها وغير ذلك من البشارات فى كل موطن من المواطن الاخروية فتكون هذه بشارة بما سيقع من البشارات العاجلة والآجلة المطلوبة لغاياتها لا لذواتها سلمى فرموده كه بشارات دنيا وعده لقاست ومرده آخرت تحقيق آن وعده.

السابقالتالي
2 3