الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }

وقوله: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ }.

قال ابن عباس: " لم يبعث الله قط نبياً إلا عرفه فضل الجمعة وعظمها في السماوات وأن الساعة / تقوم فيها، وتشريف الملائكة لها. وبلغت الرسل أممها ذلك، فسمع أكثرهم وأطاع وعرف فضلها. فلما كان موسى أخبر بني إسرائيل بفضلها على الأيام فقالوا: يا موسى، كيف تأمرنا بالجمعة وتفضلها على الأيام، والسبت أفضل لأن كل شيء سبت لله مطيعاً يوم السبت، وخلق الله السماوات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة. ويوم السبت كمل الأمر؟ وقالت النصارى لعيسى صلى الله عليه وسلم إذ أمرهم بالجمعة وأخبرهم بفضلها: كيف تأمرنا بالجمعة وأول الأيام أفضلها وسيدها، والله واحد، والواحد الأول، والأحد أول؟ فأوحى الله عز وجل إلى عيسى صلى الله عليه وسلم أن دَعْهُم والأحد، ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا فلم يفعلوا. وقال لموسى صلى الله عليه وسلم كذلك في السبت. وأمرهم أن لا يصيدوا فيه سمكاً ولا غيره، ولا يعملوا فيه عملاً. فكان يوم السبت تظهر فيه الحيتان على وجه الماء فهو قوله:إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } [الأعراف: 163] ثم إنهم تناولوها في السبت فلم ينكر بعضهم على بعض، ثم كفوا فلما رأوا العقوبة لا تنزل بهم عادوا وأخذوا. وكان موسى قد حذرهم العقوبة إن تعدوا في السبت، فلما رأوا لا تنزل عليهم عقوبة ظنوا ما قال لهم موسى صلى الله عليه وسلم باطلاً، فمسخوا قردة وحيوا ثلاثة أيام وماتوا ".

قال ابن عباس: " لم يعش مسخ قط أكثر من ثلاثة أيام ولا يأكل ولا يشرب ولا ينسل. وكان الله تعالى قد خلق القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة [الأيام التي ذكر، فمسخ أولئك في صور] القردة ".

قال الحسن: " كانت الحيتان تأتيهم يوم السبت / فتبطح بأفنيتهم كأنها المخاض ثم تذهب فلا ترى ".

قال ابن عباس: " لما طال عليهم أمر الحيتان وإتيانها يوم السبت ولا تأتي في غيره، عمد رجل منهم فأخذ حوتاً يوم السبت فحزمه بخيط وأرسله في الماء وتّدَ له وتداً في الساحل فأوثقه، حتى إذا كان الغد أخذه فأكله، فلما كان السبت الآخر فعل مثل ذلك، فوجد الناس ريح الحيتان، ثم علموا بما فعل ذلك الرجل ففعلوا مثل ما [فعل وأكلوا زمناً طويلاً، ولم] يعجل الله عليهم بالعقوبة حتى صادوا علانية وباعوها في الأسواق. فقالت طائفة من أهل التقوى: " ويحكم اتقوا الله " ونهوهم عما يصنعون. وقالت طائفة أخرى لم يصنعوا مثل ما صنع أولئك: /لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً }

السابقالتالي
2